مرتفع عن حال من يعد تفرده منكراً (ولا شذ) أي وليس حديثاً شاذًّا (ولا علل) بالبناء للمفعول، أي وليس معللا بعلة قادحة، فخرج الصَّحِيح, والضَّعِيف. والجملة حال من ما. ثم ذكر أن الحسن مراتب كالصَّحِيح فقال:
(وليرتب) بالبناء للمفعول أي الحسن (مراتبا) صرف للضرورة، فأعلى مراتبه كما قال الذهبي: بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وابن إسحاق عن التيمي، وأمثالُ ذلك مما قيل فيه إنه صحيح، وهو من أدنى مراتب الصَّحِيح، ثم بعد ذلك ما اختلف في تحسينه وتضعيفه كحديث الحارث بن عبد الله، وعاصم بن ضمرة, وحجاج بن أرطأة، ونحوهم. ثم ذكر حكمه فقال:(والاحتجاج) بالنصب مفعول مقدم، أي جَعْلَ الحديثِ الحسنِ حجة في الأحكام وغيرها (يجتبي الفقهاء) أي يختاره الفقهاء، أي كلهم (وجل) أي معظم (أهل العلم) من المحدثين والأصوليين، فالحديث الحسن عندهم كالصَّحِيح في الحجية, وإن كان دونه في القوة، ولذا أدرجته طائفة كالحاكم وابن حبان وابن خزيمة في نوع الصَّحِيح مع اعترافهم أنه دونه، واحترز بقوله: وجُلُّ إلخ عن طائفة تمنع الاحتجاج به كأبي حاتم الرازي، ونسب أيضاً إلى البخاري، واختاره أبو بكر بن العربي في عارضته، وهذا النوع المُعَرَّفُ من الحسن هو المسمى بالحسن لذاته، وهو يرتقي إلى درجة الصَّحِيح بسبب تعدد طرقه, كما أشار إليه بقوله:(فإن أتى) الخبر الحسن الذي كان روايه قاصِراً عن درجة الحافظ الضابط مشهوراً بالصدق والستر (من طرق) بسكون الراء جمع طريق (أخرى) أي من جهة أخرى ولو واحدةً (يَنمِي) كيرمي مضارع نَمَىٍ بمعنى: ارتفع يقال نمى الحديث: ارتفع، ونميته مخففاً يستعمَل لازماً ومتعدياً، ونمَّيته بالتشديد إذا عزوته، أفاده في القاموس، والمناسب هنا اللزوم أي يرتفع من درجة الحسن (إلى) درجة (الصَّحِيح) لكن لما كان الصَّحِيح له قسمان صحيح لذاته وصحيح لغيره والحسن إنما يرتفع إلى الصَّحِيح لغيره بين ذلك بأي التفسيرية فقال: (أي لغيره) أي الصَّحِيح