منسوخ، أو نحوه، كقول جابر - رضي الله عنه -: " كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار ".
وشرط أهل الأصول في هذا أن يخبر بتأخره، فإن قال: هذا ناسخ لم يثبت به النسخ، لجواز أن يقوله عن اجتهاد، واعترض العراقي عليهم وصوب إطلاق أهل الحديث.
(أو عرف الوقت) أي تاريخ ورود الحديثين كحديث شدّاد بن أوس مرفوعاً: " أفطر الحاجم والمحجوم " ذكر الشافعي أنه منسوخ بحديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " احتجم وهو محرم صائم " لأن ابن عباس إنما صَحِبَه محرماً في حجة الوداع سنة عشر، وفي بعض طرق حديث شداد أن ذلك كان زمن الفتح سنة ثمان.
ثم ذكر أن الإجماع يدل على النسخ فقال:
(ولو صح حديث) باستيفاء شروط الصحة (و) لكن (على ترك العمل) متعلق بقوله (أجمع) بالبناء للمفعول، أي أجمع العلماءُ على ترك العمل بذلك الحديث (فالوقف) بالفتح مبتدأ، أي اتفاقهم عليه (على الناسخ) متعلق بـ (ـدل) خبر المبتدإ، أي أرشد على أن هذا الحديث له ناسخ، وإن لم نقف عليه، وإنما لم نقل أن الإجماع هو الناسخ لأنه لا ينسخ ولا ينسخ، بل يستدل له به على وجود خبر معه يقع به النسخ، إذ لا ينعقد إلا بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا نسخ بعده.
ومثاله حديث الترمذي عن جابر - رضي الله عنه - قال:" حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكنا نلبي عن النساء، ونرمي عن الصبيان " قال الترمذي: أجمع أهل العلم أن المرأة لا يلبي عنها غيرها.
وإنما قيد بقوله: صح أنه لا يحكم عليه بالنسخ بذلك إلا إذا عرفت صحته، وإلا فيحمل على أنه غلط.
(تَتِمَّة): الزيادات في هذا الباب قوله: رفع أو بيان. وقوله: وبعضهم أتاه فيه الوهم. وقوله: صح حديث.