للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معرفة سبب نزول الآية يوضح معناه كذلك معرفة سبب الحديث يوضح معناه، فهو فن مهمّ ينبغي الاعتناء به، ومن زعم أنه لا طائل تحته لجريانه مجرى التاريخ، فهو مخطئ في فهمه، بل له فوائد منها: ما ذكره الناظم، ومنها أنه قد يكون اللفظ عامًّا، ويقوم الدليل على تخصيصه، فإذا عرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورته، ومنها غير ذلك.

ثم ذكر له مثالاً بقوله:

٦٥١ - مِثْلُ حَدِيثِ: " إِنَّمَا الأَعْمَالُ " ... سَبَبُهُ فِيمَا رَوَوْا وَقَالُوا:

٦٥٢ - مُهَاجِرٌ لأُمِّ قَيْسٍ كَيْ نَكَحْ ... مِنْ ثَمَّ ذِكْرُ امْرَأَةٍ فِيهِ صَلَحْ

(مثل) أي ذلك مثلُ، أو أعني مثل (حديث: " إنما الأعمال) بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " متفق عليه. (سببه) مبتدأ أي سبب وروده (فيما رووا) أي حكى العلماء المحدثون (وقالوا) عطف تفسير لرووا، وفي نسخة: فيما روى النُّقَالُ، وإنما أسنده إليهم تبرياً، لأن التمثيل به غير صحيح، إذ ليس في شيء من طرق الحديث ما يقتضى التصريح بذلك، ومن ثم أنكر ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم أن تكون هذه القصة سبباً للحديث، وإن اشتهر هذا، وذكره كثير من المتأخرين في كتبهم، قال: ولم نر لذلك أصلاً. (مهاجر) خبر المبتدإ أي رجل مهاجر من مكة إلى المدينة (لأم قيس) أي لأجلها (كي) تعليلية (نكح) أي ليتزوجها (من ثم) أي من أجل كون ما ذكر سبب ورود حديث: " إنما الأعمال " (ذكر امرأة فيه) أي في الحديث المذكور (صلح) أي حسن حيث قال: " أو امرأة يتزوجها "، والمعنى: أنه لما كان سبب حديث: " إنما الأعمال " هو مهاجر أم قيس حسن ذكر امرأة فيه.

وحديث قصة مهاجر أم قيس قال الحافظ في الفتح: رواه سعيد بن منصور عن عبد الله هو ابن مسعود قال: " من هاجر يبتغي شيئاً فإنما له

<<  <  ج: ص:  >  >>