للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحاصل: أنه إن روى كل واحد من القرنين عن صاحبه فهو المدبج، وأول من سماه بذلك الدارقطني، إلا أنه لم يقيده بكونهما قرنين، بل كل اثنين روى كل منهما عن الآخر يسمى بذلك، وإن كان أحدهما أكبر، وذكر منه رواية النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبي بكر، وعمر، وسعد بن عبادة، وروايتهم عنه، ورواية عمر، عن كعب، وكعب عنه.

والمدبج أخص من رواية الأقران فكل مدبج أقران ولا عكس، ثم ذكر أمثلته بقوله:

٧٢٨ - فَمِنْهُ فِي الصَّحْبِ رَوَى الصِّدِّيقُ ... عَنْ عُمَرٍ ثُمَّ رَوَى الفَارُوقُ

(فمنه) الفاء فصيحيّة أي من المدبج، خبر مقدم (في الصحب) - رضي الله عنهم -، وقوله: (روى الصديق) في تأويل المصدر بتقدير " أن " على قلة، كما في تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، مبتدأ مؤخر، أي رواية الصديق أبي بكر - رضي الله عنه - (عن عمر) بالصرف للضرورة (ثم) بمعنى الواو لأنه لا يراد هنا الترتيب، (روى الفاروق) عطف على ما قبله، أي رواية الفاروق عنه، وهو لقب لعمر - رضي الله عنه -، لَقَّبَهُ به النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الحافظ في الإصابة وأخرج محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه بسند فيه إسحاق بن أبي فروة عن ابن عباس أنه سأل عمر عن إسلامه فذكر قصته بطولها، وفيها أنه خرج ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين حمزة وأصحابه الذين كانوا اختفوا في دار الأرقم، فعلمت قريش أنه امتنع فلم تصبهم كآبة مثلها، قال: فسماني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ الفاروق اهـ.

وحاصل المعنى: أن مثال المدبج في الصحابة رواية أبي بكر الصديق عن عمر وعمر عنه.

٧٢٩ - وَفِي التِّبَاعِ عَنْ عَطَاءِ الزُّهْرِيْ ... وَعَكْسُهُ، وَمِنْهُ بَعْدُ فَاْدْرِ

والمدبج (في التباع) بالكسر مصدر تابع أي ذوي التباع، بمعنى التابعين، والجار والمجرور خبر مقدم، أي كائن في التابعين، أو حال، والخبر محذوف أي منه (عن عطاء) بمنع الصرف للوزن، هو عطاء بن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>