لردهم بدونه، كما تقدم في كلام السخاوي. (آخرًا) منصوب على الظرفية متعلق بخلط، أي في آخر عمره، يعني: غالباً، وإلا فليس قيداً فيه، ومثله قول مالك: إنما يَخْرَفُ الكذابون.
وحقيقة الاختلاط: فساد العقل، وعدم انتظام الأقوال، والأفعال، إما بخرف أو ضرر أو مرض، أو عارض من موت ابن، وسرقة مال، أو ذهاب كتب أو احتراقها. (فأسقطا) بالبناء للمفعول، والألف للإطلاق، ونائب فاعله قوله:(ما حدثوا) أي الحديث الذي حدثوا به (في الاختلاط) أي في حالة اختلاطهم (أو) ما (يشك) بالبناء للمفعول، أي يشك فيه هل هو قبل الاختلاط، أو بعده.
وحاصل المعنى: أنه يسقط ما حدث به بعد الاختلاط، أو شك فيه وأشكل: أرواه قبلُ، أو بعدُ؟ وقُبِلَ ما رواه قبلُ الاختلاط لثقته.
(وباعتبار) من روى عنهم أي نَقَلَ الحديث عن المخلطين متعلق بقوله: (يفك) بالبناء للمفعول، أي يزال الإشكال، من فككت العَظْمَ فَكًّا من باب قتل: أزلته من مفصله، والمعنى: أنه يتميز ما حدثوا به قبل الاختلاط وبعده، باعتبار الرواة عنهم، فمن نقل قَبْلَ الاختلاط قبِلَ ومن نقل بعده رُدَّ. ثم ذكر أمثلة لهم بقوله (كابني) بصيغة التثنية مضاف إلى (أبي عروبة) وما عطف عليه، وصرف للضرورة، وهو سعيد بن أبي عروبة مهران العدوي، البصري، أبو النضر، أحد كبار الأئمة، وثقاتهم، فقد اختلط اختلاطاً قبيحاً، وطالت مدته، واختلف في ابتدائها، فقيل في سنة خمس وأربعين ومائة، وقيل في سنة اثنين وأربعين، وقيل في سنة ثمان وأربعين، وقيل سنة ثلاثة وأربعين، وقيل سنة اثنين وثلاثين ومائة، واختلف في موته، فقيل سنة خمسين، أو خمس أو ست أو سبع وخمسين ومائة، وقد سمع منه قبل الاختلاط جماعة، منهم خالد بن الحارث، ورَوْحُ بن عُبَادة، وابن المبارك، وعبد الوهاب الثقفي، وغيرهم.
(والسائب) عطف على أبي، وهو عطاء بن السائب، الثقفي، الكوفي، أحد التابعين، أبو محمد، ويقال: أبو السائب، مات سنة ١٣٦ هـ.