للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} ١ في هذه الآية الكريمة جعل الكوفيون "آل" في {الْمَأْوَى} رابطة٢ نائبة عن الضمير.

وقد جعل البصريون الرابط في ذلك هو الضمير المحذوف ولم يرتضوا أن تكون أل رابطة فقدروا في الأمثلة السابقة الحسن الوجه منه، وفي الآية المأوى له ... وللزمخشري في الآية الكريمة رأي يكاد يكون غريباً، فقد قال: "إن المعنى في الآية أن الجحيم مأواه كما تقول للرجل: غض الطرف أي طرفك، وليست الألف واللام بدلاً من الإضافة. ولكن لما علم أن الطاغي هو صاحب المأوى وأنه لا يغض الرجل طرف غيره تركت الإضافة ودخول أل في المأوى والطرف للتعريف"٣.

وكلام الزمخشري لا يتحصل منه الرابط العائد على المبتدأ، إذ قد نفى مذهب الكوفيين، ولم يقدر ضميراً محذوفاً كما قدره البصريون فرام حصول الرابط بلا رابط ٤ومما استدل به الكوفيون قول المرأة: زوجي: المس ٥ مس أرنب والريح ريح زرنب فقالوا: الأصل مسه مس أرنب، وريحه ريح زرنب فنابت أل مناب الضمير، والبصريون يقدرون المس منه.

ومثله عند الكوفيين قول الشاعر:-

كأن حَفِيفَ النَّبْلِ من فوقِ عَجهَا ... عَوَازِبُ نخْلٍ أخْطَأ الفار مُطْنِفُ ٦

وقد رد البصريون كل ما أوردوه الكوفيون وذلك بتقرير الضمير الذي جعلوه في كل


١ الآية رقم ٤٠، ٤١ من سورة النازعات.
٢ ابن يعيش: شرح المفصلي جـ ٦ ص ٨٩.
ابن هشام: المغنى ص ٥٥٥.
٣ الزمخشري: الكشاف جـ ٣ ص ٣١١.
٤ أبو حيان: البحر المحيط جـ ٨ ص ٤٢٣.
٥ حاشية الصبان جـ ١ ص ١٩٥.
والحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت:" جلست احدي عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً فقالت الأولى: زوجي....
ثم قالت الثامنة زوجي المسى مس أرنب والريح ريح زرنب ". الحديث.
فتح الباري جـ١ ص ٢٥٤، كتاب النكاح. باب حسن المعاشرة مع الأهل. والمعنى أنه حسن الخلق. طيب العرق لكثرة نظافته واستعماله الطيب. راجع جـ١ ص ٢٦٥.
٦ قاله الشنفري: عمرو بن براق.
حفيف النبل. دون ذهابه، ومن فوق عجها. حال من النبل. أي فوق مقبض القوس. وعوازب نحل: خبر كان جمع عازبة من عزبت الإبل: إذا بعدت في المرعى ومطنف: بضم الميم وكسر النون: الذي يعلو الجبل.
واستشهد به الكوفيون على إنابة أل في الربط مناب الضمير فالأصل أخطأ فارها ثم صارت بعد الإنابة أخطأ الفار.
المصدر السابق جـ ٣ ص ٦٣.

<<  <   >  >>