أول وقوع الشرك في قوم نوح من الغلو في القبور: ثم كان من مكايد الشيطان أن اختلفوا بعد ذلك بتركهم اتباع الأنبياء فيما أمروا به من التوحيد والدين، ووقعوا في الشرك بسبب تعظيم الموتى، عندئذٍ انقسموا: موحدين، ومشركين.
هكذا نفذ الشيطان إلى قلوبهم بإدباب الخلاف بينهم بترك اتباع الأنبياء، وكادهم بتعظيم موتاهم حتى عكفوا على قبورهم، ثم كادهم بتصوير تماثيلهم، ثم كادهم بعبادتهم، فكان هؤلاء المشركون في قوم نوح هم أول صنف من المشركين وشركهم هذا:" تعظيم الموتى " هو الشرك الأرضي، وهو أول شرك بالله، طرق العَالَم، وكان نوح - عليه السلام - هو أول رسول بُعِث إلى المشركين.
قال غير واحد من السلف في قول الله - تعالى -: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}[نوح / ٢٣] : " إن هذه أسماء قوم صالحين كانوا فيهم، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم بعد ذلك عبدوهم، وذلك أول ما عبدت الأصنام، وأن هذه الأصنام صارت إلى العرب. . . " ابتدعوا الشرك، وابتدعوا عبادة الأوثان، بدعة من تلقاء أنفسهم بشبهات