للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فاؤه واو, اقتصروا١ به على الكسر الذي يجب معه الحذف ولم يضموه؛ لأن الضم ليس بأصل فيه، وإنما بابه الكسر.

لِمَ كان باب "فَعِلَ يفعَلُ كفرح" وباب "فعَل يفعِلُ كضرب؟ ":

فإن قال قائل: ولِمَ كان باب "فعِل يفعَل" وباب "فعَل يفعِل"؟

قيل: لأنهم أرادوا أن تخالف حركة العين في المضارع حركتها في الماضي؛ لأن كل واحد منهما بناء على حياله. فجعلوا مضارع "فعِل يفعَل" ومضارع "فعَل" في أكثر الأمر "يفعِلُ"؛ لمقاربة الكسرة الفتحة، واجتماعهما في مواضع كثيرة، وإمالة كل واحدة٢ إلى صاحبتها نحو قولك: "مررت بعمر، وضربت عمر" ونحو قولك: "ضربت الهندات، ومررت بالهندات" وغير ذلك٣ مما يطول ذكره.

فهذا ونحوه يدل على مناسبة الكسرة للفتحة؛ فلذلك تعاقبتا في "فَعِلَ يَفْعَل, وفَعَلَ يَفْعِلُ"، ولأن الياء أيضا مقاربة للألف حتى إنهم قد٤ قالوا: "حاحيت، وعاعيت، وهاهيت، وحاريّ، وطائيّ" وغير ذلك مما لا سبب فيه يوجب القلب إلا القرب، وما ليس بعلة قاطعة.

فأما قول الشاعر:

لو شئت قد نَقَعَ الفؤاد بشربة ... تَدَعُ الحوائم لا يَجُدْن غليلا

فشاذ، والضمة عارضة؛ ولذلك حذفت الفاء كما حذفت في "يَقَعُ، ويزع", وإن كانت الفتحة هناك؛ لأن الكسر هو الأصل، وإنما الفتح عارض.


١ ظ، ش: اقتصر.
٢ ظ، ش: واحد.
٣ ظ، ش: هذا.
٤ قد: زيادة من ظ، ش.

<<  <   >  >>