للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال أبو الفتح: يقول: "اعتَوَنُوا، واجتَوَرُوا" في أنهما صحا؛ لأنهما بمعنى ما لا بد من تصحيحه، وهو "تعاونوا وتجاوروا" بمنزلة "حَوِل، وعَوِر".

ألا ترى أن قبل الواو في "تعاونوا، وتجاوروا" ألفا، فلو قلبت الواو ألفا لالتقى ساكنان, فحذفت١ إحداهما فصار اللفظ "تعانُوا، تجارُوا"٢ وزال بناء "تفاعلوا" فترك ذلك لذلك. وكذلك صحت في "اجتوروا" لأنه بمعنى "تجاوروا", ولولا ذلك لوجب إعلال "اجتوروا، واعتونوا" لأنهما بوزن "افتعلوا" بمنزلة "اقتادوا, واعتادوا", ولو بنيت "افتعلوا" من لفظ "ج ور" وأنت لا تريد به معنى "تفاعلوا"؛ لوجب إعلاله فكنت تقول: "اجتاروا"٣.

باب "تَاهَ يَتِيهُ, وطَاحَ يَطِيحُ":

قال أبو عثمان:

وأما "تاه يتيه, وطاح يطيح", فزعم الخليل أنهما٤ "فَعِل يفعِل" من الواو مثل "حَسِب يحسِب" من الصحيح، ويدلك على ذلك "طوّحت وتوّهت، وهو أَتْوَه منه وأطوح منه".

قال أبو الفتح: إنما ذهب الخليل إلى هذا؛ لأنه لما رأى العين واوا في "تَوّهَ وطوح" ورآهم يقولون: "تاه يتيه، وطاح يطيح"٥ ولم يمكنه أن يجعلهما٥ من الياء كـ "باع يبيع"؛ لأن الدلالة قد قامت على كون العين واوا، ذهب إلى أنها "فعِل يفعِل" فكأنها في الأصل عنده "طوِح يطوِح، وتوه يتوه"


١ ص: فحذف.
٢ ص، ظ: "تعاونوا وتجاوروا "بإثبات الواو بعد ألف تفاعل, وهو مخالف للمثال الذي أراده الشارح، والصواب ما أثبتناه عن ش وهو: "تعانوا، وتجاروا".
٣ ظ، ش: اجتار.
٤ ظ: أنها.
٥, ٥ ظ، ش: ولم يمكنهم أن يجعلوها.

<<  <   >  >>