للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فأما قول الشاعر:

وكنت إذا جاري دعا لمَضُوفة ... أشمر حتى ينصف الساق مِئْزري

ففيه تعلق لأبي الحسن في قوله في "مفعُلة" من "عشت: معوشة١"؛ لأن "مَضُوفة: مَفْعُلة" من "ضفت الرجل: إذا نزلت به"؛ لأن معناها ما ينزل بالإنسان ويضيفه من نوائب الدهر، وأصلها "مَضْيُفة" ثم نقلت الضمة إلى الضاد, وانقلبت الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها.

فيشبه أن يكون أبو الحسن بهذا تعلق وعليه عقد هذا الخلاف، إلا أن هذا حرف شاذ لا نعلم له نظيرا، فينبغي ألا يقاس عليه، وقول الخليل في "معيشة، ومبيع٢" أقوى؛ لقولهم كلهم٣: "مبيع" ولم يقولوا: "مبوع" كما قالوا: "مضوفة", ومن "مبيع" يشبه أن يكون الخليل أخذ قوله في "مَعِيشة"؛ لأن عين "مفعول" مضمومة.

فأما "مئُونة" فلا حجة فيها لأبي الحسن؛ لأنه يجوز أن يكون من "الأون" وهو "العِدْل"؛ لأنها ثقيلة على متكلفها كما أن "العدل" ثقيل على حامله، وقالوا: إنها "فَعُولة" من "مُنْتُ". وأجاز الفراء أن تكون "مفعلة" من "الأين" وهو "التعب", وهذا كقول٤ أبي الحسن في٥ "معوشة" والاحتجاج عليه مثله على أبي الحسن، لا فرق بينهما.

وقد شرحت هذا الخلاف في موضع آخر في مسألة سُئلتُ عنها مجردة!


١ معوشة: ساقط من ظ، ش.
٢ ومبيع: عن ظ، ش. وفي ص وهامش ظ: وبيع.
٣ كلهم: ساقط من ظ، ش.
٤ ظ: تقول.
٥ في: ساقط من ظ، ش.

<<  <   >  >>