للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولا تقول: "يا امرأة أكرمي بزيد" ولا: "يا رجلان أكرما بزيد" ولا: "يا رجال أكرموا بزيد" ولا: "يا نساء أكرمن بزيد".

لأنك لست تأمر أحدا بإيقاع فعل، وإنما تخبر عن إفراط كرم زيد١, كما تقول: "يا امرأة ما أكْرَمَ زيدا، ويا٢ رجال٣ ما أكرم زيدا٣".

وذهب بعض متأخري أصحابنا٤ إلى أن هذا لفظ الأمر ومعناه, وأن المأمور هنا هو المحدث عنه في قولهم: "ما أكرم زيدا" يعني "ما"٥, فكأنه قال: "يا امرأة أكرم يا شيء بزيد" وهذا تعسف وتخليط وعدول عن الصواب؛ لأن معنى قولك: "أكرم بزيد" إنما هو إخبار عن زيد بالكرم, فكأنك قلت: "لكرُم زيد" كما تقول: "لقَضُو الرجل" إذا بالغت في الخبر عنه بجودة القضاء, ولست تأمر أحدا بإيقاع فعل عليه، وإنما حمله على هذا التعسف لفظ الأمر في هذه٦ المواضع.

وقد جاءت ألفاظ الأمر ويراد بها الخبر، كما جاءت ألفاظ الخبر ويراد بها الأمر.

فمن ألفاظ الأمر المراد بها الخبر قول الله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} ٧ إنما معناه: فسيمد له الرحمن مدا، أو فليمدن الرحمن مدا. ومنه قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} ٨.


١ ص: يزيد.
٢ ص: أو يا.
٣، ٣ ظ: أكرم زيد. ص: لكرم زيد.
٤ ظ: لصحابنا، وهو خطأ.
٥ "ما": ساقط من ظ، ش.
٦ ظ: هذا، وهو خطأ.
٧ من الآية ٧٥ من سورة مريم ١٩.
٨ من الآية ٣٨ من سورة مريم ١٩.

<<  <   >  >>