للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

جاء في هذه القصيدة مُنْغَوٍ، قال أبو علي: إنما بنى من هَوَى وغَوَى مُنْفَعِلًا لضرورة الشعر، وعلى هذا قالوا: "شويت اللحم فانشوى", وقد قالوا: "اشتوى" وليس في كثرة انشوى.

القلب والإدغام في بعض الكلام دون بعض:

فإن قال قائل: ولِمَ جاز الإدغام في امَّحى الكتاب١؟ وهلا بينت النون فقيل: "انمحى" كما قالوا: "شاة٢ زَنْماء وزُنْم" وكما قالوا: "أنملة وأنمار" ونحو ذلك؟ قيل: قد كان القياس في زنماء وزنم وأنملة٣ وأنمار ونحوها أن تدغم النون في الميم؛ لأنها ساكنة قبل الميم ولكن لم يجز ذلك لئلا يلتبس الأصول بعضها ببعض. فلو قالوا: "زَمَّاء وزُمّ" لالتبس بباب زممت الناقة، ولو قالوا: "أُمَّلَة" لالتبس بباب أملت٤ و٥ لو قالوا: "أمّار" لالتبس بباب أمرت٥ كما بينوا في نحو "منية وأنْوَك وقَنْوَاء وقَنو" لئلا يلتبس مُنْيَة بباب مَيّ، وأنوك بفوْعل, أو فعْول من باب ما فاؤه همزة وعينه واو، وقنواء وقنو٦ بباب قَوّ وقُوّة, فرُفض الإدغام في هذا ونحوه مخافة الالتباس ولم يخافوا في "امحى الكتاب" أن يلتبس بشيء؛ لأنه ليس في كلام العرب شيء على افّعل بتشديد الفاء؛ ولهذا ما٧ قال الخليل في انفعل من وجلت: اوّجَلَ، وقالوا من "رأيتُ: ارَّأى" ومن "لَحِزَ: الَّحَزَ"؛ لأنه ليس في الكلام افَّعَل، ولم يأت في٨ كلامهم نون


١ الكتاب: ساقط من ظ، ش.
٢ شاة: ساقط من ظ، ش.
٣ أنملة: ساقط من ظ، ش.
٤ ظ: أمرت, وهو تصحيف.
٥, ٥ ساقط من ظ، ش.
٦, ٦ ساقط من ظ ولم تذكر ش منه إلا: لئلا يلتبس.
٧ ما: ساقط من ظ، ش.
٨ ظ، ش: من.

<<  <   >  >>