أما الآثار التي تدل على أن الذبيح إسماعيل فكثيرة، فقد دلَّت بعض الأحاديث عن الصحابة والتابعين، أحاديث وآثار على أن الذبيح إسماعيل، روى الحاكم في (المستدرك) وابن جرير في تفسيره بسنده، وغيرهما، عن عبد الله بن سعيد الصنابحي قال:"حضرنا مجلس معاوية، فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق، أيهما الذبيح؟ فقال بعضهم: إسماعيل، وقال البعض: إسحاق، فقال معاوية: على الخبير سقطم، كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فآتاه أعرابي، فقالوا: يا رسول الله خلفت الكلأ يابسًا، والمال عابسًا -يراد أن الحياة كان فيها شدة وبأس، شدة جوع وعطش- هلك ال عيال وضاع المال، فعُد علي مما أفاء الله -تعالى- عليك يابن الذبيحين، فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يُنكر عليه، فقال القوم: من الذبيحان يا أمير المؤمنين؟ فقال: إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل أمرها أن ينحر بعض بنيه، فلما فرغ أسهم بينهم فكانوا عشرة، فخرج السهم على عبد الله، فأراد أن ينحره فمنعه أخواله بنو مخزون، وقالوا: ارضِ ربك وافد ابنك، ففداه بمائة ناقة، قال معاوية: هذا واحد والآخر إسماعيل.
يقول الشيخ "أبو شهبة" في تخريجه على هذا الحديث هذا الحديث في حكم المرفوع لتقرير النبي -صلى الله عليه وسلم- للأعرابي على مقالاته، واختلف فيه؛ فمنهم من صححه، ومنهم ضعفه، ولكنه أثر موجود.
وشهد شاهد على أهلها فقد روى ابن إسحاق، عن محمد بن كعب القرظي، أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة، فقال له عمر: إن هذا لشيء ما كنت انظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى رجل كان يهوديًّا، فأسلم، وحسن إسلامه، وكان من علمائهم، فسأله: أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال: إسماعيل والله يا أمير المؤمنين، وإن يهودًا لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب، وهذا هو الحق الذي يجب أن يصار إليه.