للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَكلما أَشَارَ إِلَى أَن لَهُ عِلّة تركته فَإِذا علم هَذَا فقد تقرر أَنَّهُمَا لَا يخرجَانِ من الحَدِيث إِلَّا مَا لَا عِلّة لَهُ أَو لَهُ عِلّة إِلَّا أَنَّهَا غير مُؤثرَة وعَلى تَقْدِير تَوْجِيه كَلَام من انتقد عَلَيْهِمَا يكون كَلَامه مُعَارضا لتصحيحهما وَلَا ريب فِي تقديمهما فِي ذَلِك على غَيرهمَا فيندفع الِاعْتِرَاض من حَيْثُ الْجُمْلَة وَالتَّفْصِيل فِي مَحَله وصل

إعلم أَن البُخَارِيّ قد الْتزم مَعَ صِحَة الْأَحَادِيث استنباط الْفَوَائِد الْفِقْهِيَّة والنكتة الْحكمِيَّة فاستخرج بفهمه الثاقب من الْمُتُون مَعَاني كَثِيرَة فرقها فِي أبوابه بِحَسب الْمُنَاسبَة واعتنى فِيهَا بآيَات الْأَحْكَام وسلك فِي الإشارات إِلَى تَفْسِيرهَا السبل الوسيعة وَمن ثمَّ أخلى كثيرا من الْأَبْوَاب من ذكر إِسْنَاد الحَدِيث وَاقْتصر على قَوْله فلَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد يذكر الْمَتْن بِغَيْر إِسْنَاد وَقد يُورِدهُ مُعَلّقا لقصد الِاحْتِجَاج إِلَى مَا ترْجم لَهُ وَأَشَارَ للْحَدِيث لكَونه مَعْلُوما سبق قَرِيبا وَيَقَع فِي كثير من أبوابه أَحَادِيث كَثِيرَة وَفِي بَعْضهَا آيَة من الْقُرْآن فَقَط وَفِي بَعْضهَا لَا شَيْء فِيهِ

ذكر أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ فِي رجال البُخَارِيّ أَنه استنسخ البُخَارِيّ من أَصله الَّذِي كَانَ عِنْد الْفربرِي فَرَأى أَشْيَاء لم تتمّ وَأَشْيَاء مبيضة مِنْهَا تراجم لم يثبت بعْدهَا شَيْء وَأَحَادِيث لم ترْجم لَهَا فأضاف بعض ذَلِك إِلَى بعض قَالَ وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَن رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي والكشمهيني وَابْن زيد الْمروزِي مُخْتَلفَة بالتقديم وَالتَّأْخِير مَعَ أَنهم استنسخوها من أصل وَاحِد وَإِنَّمَا ذَلِك بِحَسب مَا قد رأى كل مِنْهُم وَيبين ذَلِك أَنَّك تَجِد ترجمتين وَأكْثر من ذَلِك متصلتان لَيْسَ بَينهمَا أَحَادِيث وَفِي قَول الْبَاجِيّ نظر من حَيْثُ أَن الْكتاب قري على مُؤَلفه وَلَا ريب أَنه لم يقْرَأ عَلَيْهِ إِلَّا مُرَتبا مبوبا فَالْعِبْرَة بالرواية

ثمَّ إِن تراجم الْأَبْوَاب قد تكون ظَاهِرَة وخفية فالظاهرة أَن تكون دَالَّة بالمطابقة لما يُورِدهُ وَقد تكون بِلَفْظ المترجم لَهُ أَو بِبَعْضِه أَو بِمَعْنَاهُ

<<  <   >  >>