للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ببخارى عَلَيْهِ حَتَّى تكلمُوا فِي مذْهبه فنفاه عَن الْبَلَد وَأمر بِالْخرُوجِ عَنهُ فَدَعَا البُخَارِيّ عَلَيْهِم وَكَانَ من دُعَائِهِ اللَّهُمَّ أرهم مَا قصدوني بِهِ فِي أنفسهم وَأَوْلَادهمْ وأهاليهم وَكَانَ مجاب الدعْوَة فَلم يَأْتِ شهر حَتَّى ورد أَمر الْخلَافَة بِأَن يُنَادى على خَالِد فِي الْبَلَد فَنُوديَ عَلَيْهِ على أتان وَحبس إِلَى أَن مَاتَ وَلم يبْق أحد مِمَّن ساعده إِلَّا ابْتُلِيَ ببلاء شَدِيد شعر

(لله قوم إِذا حلوا بِمَنْزِلَة ... حل الرِّضَا ويسير الْجُود إِن سَارُوا)

وَلما خرج البُخَارِيّ من بُخَارى كتب إِلَيْهِ أهل سَمَرْقَنْد يخطبونه إِلَى بلدهم فَسَار إِلَيْهِم فَلَمَّا كَانَ بخرتنك قَرْيَة على فرسخين من سَمَرْقَنْد وَكَانَ لَهُ بهَا أقرباء فَنزل عِنْدهم وبلغه أَنه قد وَقع بَينهم بِسَبَبِهِ فتْنَة فقوم يُرِيدُونَ دُخُوله وَآخَرُونَ يكرهونه فَأَقَامَ أَيَّامًا حَتَّى ينجلي الْأَمر فَمَرض وَوجه إِلَيْهِ رَسُول من أهل سَمَرْقَنْد يَلْتَمِسُونَ خُرُوجه إِلَيْهِم فَأجَاب وتهيأ للرُّكُوب وَلبس خفيه وتعمم فَلَمَّا مَشى قدر عشْرين خطْوَة أَو نَحْوهَا إِلَى الدَّابَّة ليرْكبَهَا قَالَ أرسلوني فقد ضعفت فَأَرْسلُوهُ فَدَعَا بدعوات مِنْهَا اللَّهُمَّ أَنه قد ضَاقَتْ عَليّ الأَرْض بِمَا رَحبَتْ فاقبضني إِلَيْك بَعْدَمَا فرغ من صلَاته فِي لَيْلَة من اللَّيَالِي ثمَّ اضْطجع فَقضى فَسَالَ عرق كثير لَا يُوصف وَمَا سكن مِنْهُ الْعرق حَتَّى أدرج فِي أَكْفَانه قَالَ بَعضهم فِي وِلَادَته وعمره ووفاته نظم

(كَانَ البُخَارِيّ حَافِظًا ومحدثا ... جمع الصَّحِيح مكمل التَّحْرِير)

(ميلاده صدق وَمُدَّة عمره ... فِيهَا حميد وانقضى فِي نور)

رُوِيَ أَنه ضجر لَيْلَة السبت لَيْلَة عيد الْفطر سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ عَن اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سنة إِلَّا ثَلَاثَة عشر يَوْمًا وَكَانَ أوصى أَن يُكفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب لَيْسَ فِيهَا قَمِيص وَلَا عِمَامَة فَفعل بِهِ ذَلِك وَلما صلي عَلَيْهِ وَوضع فِي حفرته فاح من تُرَاب قَبره رَائِحَة طيبَة كالمسك ودامت أَيَّامًا وَجعل النَّاس يَخْتَلِفُونَ إِلَى قَبره مُدَّة يَأْخُذُونَ مِنْهُ شعر

(فَهَذَا الشذا آثَار رفقته معي ... وَلست بورد إِنَّمَا أَنا تربه)

وروى الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ بِسَنَدِهِ إِلَى عبد الْوَاحِد آدم بن الطراولسي

<<  <   >  >>