فلما رأت اليهود الجِد من الفرس في منعهم من الصلاة، اخترعوا أدعية زعموا أنها فصول من صلاتهم، وسموها الخزانة، وصاغوا لها ألحانا عديدة، وصاروا يجتمعون في أوقات صلواتهم على تلحينها وتلاوتها.
والفرق بين هذه الخزانة وبين الصلاة أن الصلاة بغير لحن، وأن المصلي يتلو الصلاة وحده، ولا يجهر معه غيره. وأما الخزانة، فيشاركه جماعة في الجهر بالخزانة، ويعاونونه في الألحان. وكانت الفرس إذا أنكرت ذلك منهم زعمت اليهود أنهم يغنون أحيانا، وينوحون أحيانا على أنفسهم، فتركوهم وذاك.
ومن العجب أن دولة الإسلام لما جاءت مقرة لأهل الذمة على ديانتها، وصارت الصلاة مباحة لهم، صارت الخزانة عند اليهود من السنن المستحبة في الأعياد والمواسم والأفراح، يجعلونها عوضا عن الصلاة، ويستغنون بها عنها من غير ضرورة تبعثهم على ذلك.