الحمد لله الذي أكرمنا بالإيمان، وأعزنا بالإسلام، وأنعم علينا بنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- فهدانا من الضلال، وجمعنا من الشتات، وأغنانا بشريعته التي تدعو إلى الحكمة والموعظة الحسنة، وتتضمن الأمر بالعدل والإحسان، والنهي عن الفحشاء والمنكر. نسأل الله سبحانه أن يهدينا إلى الحق، وأن يثبتنا عليه، وأن يرزقنا شكره على ذلك.
أما بعد، فإن الانتقال من دين إلى دين ليس بالأمر العادي في صعوبته. والعاقل يحسب ألف حساب قبل أن يقدم على تبديل دينه، ولا سيما إذا كان قومه قد عودوه منذ الصغر على الاستعلاء والتعصب لعرقه واحتقار الآخرين ودياناتهم، بل عودوه على الحقد والكراهية لغير بني جنسه أو مذهبه كاليهود ومن لف لفهم. لكن إذا صدع الحق قلبه، وولج فيه، فإنه يقدم على ذلك غير مبالٍ ولا هياب؛ لأنه يريد أن ينقذ نفسه باتباع الحق، ليس في هذه الحياة فحسب، بل في الحياة الآخرة التي لا نهاية لها.
وكلامي هذا لا يشمل الذين يغيرون دينهم لغرض دنيوي أو هوى أو حاجة استُغلوا من أجلها. فمن يُغرى بالمناصب ونحوها، أو تستغل فاقته ومرضه، كما يفعل دعاة النصرانية اليوم، لا يوصف بأنه بدل دينه؛ لأنه فريسة، ولأن عملهم ضرب من التلصص الروحي. بل إنما ينصب كلامي على العقلاء والمفكرين، وبخاصة علماء الدين، الذين يفكرون فيما اختاروه من دين وعقيدة سنوات، ثم يقدمون على ما رأوا من الحق غير عابئين بما