يخسرون من مادة ومكانة، ولا بما قد يصيبهم من تحامل وضرر. فيقدمون فرحين على اعتناق الحق الذي رأوه، ثم يبينون ويعلنون سبب دخولهم في دين الله، ويصبحون من الذابين عنه أكثر ممن وُلد من أبوين مسلمين.
وكثير من مفكري أهل الكتاب دخلوا في دين الإسلام رغبة في اتباع الحق بعد دراسة عميقة وتدبر لهذا الدين، انقشعت فيها الشبهات والتشويهات، وتجلت فيها الحقائق الثابتة، فكان إيمانهم عن رغبة وعلم ومعرفة. وكانت البشارات بهذا النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- في كتبهم المقدسة، وذكر أوصافه وأوصاف أمته من أكبر العوامل الداعية لهم للدخول في دين الإسلام.
فمن النصارى الذين اعترفوا بنبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- ودخلوا في دينه القس الأسباني إنسلم تورميدا. فقد ترك التثليث وأقبل على التوحيد تاركا المكانة الدينية التي بلغها. سافر إلى تونس في القرن الثامن الهجري، وسمى نفسه عبد الله، وأضيف إليه لقب الترجمان لاشتغاله بالترجمة. ألف كتابا سماه "تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب" ذكر فيه سبب إسلامه والدوافع التي أدت به إلى ترك التثليث.
وفي عصرنا الحاضر اعتنق الإسلام الطبيب والعالم الفرنسي موريس بوكاي الذي درس الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة، واستطاع أن يثبت بالأدلة العلمية أن القرآن الكريم هو الكتاب المقدس الوحيد الذي خلا من التحريف والتبديل، وقد تضمن حقائق علمية أتى الزمان مترجما لها. ثم صنف في ذلك كتابا سماه "القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم" صدر باللغة الفرنسية، ثم ترجم بعد ذلك إلى العربية وغيرها.
وكذلك العالم المفكر والفيلسوف الفرنسي روجيه جيرودي المعروف بكثرة مقالاته ودفاعه عن الإسلام. بل إن له نظرات ثاقبة في فهم بعض الآيات والأحاديث مما يدل على الإيمان العميق والعلم والمعرفة.