أحق الناس بأن يوسم بالجهالة وينبذ بالضلالة مَن كان طبعه أبيا عن الانقياد للحقائق، وعقله بعيدا عن فهم اليقين. فأما من سفل درجة عن ذلك، وكان مع الامتناع عن تسليم الحقائق مسرعا إلى قبول الباطل وتصديق المستحيل، فهو حقيق بالنسبة إلى الجنون والسقوط. وهذه الطائفة أحق الناس بذلك؛ لأن آباءهم كانوا يشهدون في كل يوم من الآيات الحسية والمنارات السامية ما لم يره غيرهم من الأمم. وهم مع ذلك يهمون برجم موسى وهارون -عليهما السلام- في كثير من الأوقات. وكفى باتخاذهم العجل في أيام موسى -عليه السلام- وإيثارهم العودة إلى مصر والرجوع إلى العبودية؛ ليشبعوا من أكل اللحم والبصل والقثاء. ثم عبادتهم الأصنام بعد عصر يوشع بن نون، ثم انضمامهم إلى أبشالوم الولد العاق ولد داود من بيت ملك الكرج، فإن سوادهم الأعظم انضم إلى هذا الولد العاصي العاق، وشدوا معه على حرب الملك الكبير داود -عليه السلام- ثم إنهم لما عادوا إلى طاعة داود جاءت وفودهم وعساكرهم متقاطرة إلى داود مستغفرين مما ارتكبوه، مستبشرين بسلامة الملك داود، بحيث اختصم الأسباط مع سبط يهوذا؛ إذ عبروا بالملك الأردن قبل مجيء عساكر الأسباط، غيرة منهم على السبق إلى خدمة الملك. وتعاتبوا في ذلك عتابا دقيقا، فقال سبط