وليس في التوراة غير هذا. ففرَّع فقهاؤهم على ذلك ما فيه خزيهم وفضيحتهم. وذلك أنه إذا زهدت المرأة في نكاح أخي زوجها المتوفى، أكرهوه على النزول عنها، ثم ألزموها الحضور عند الحاكم بمحضر من مشيختهم، ولقنوها أن تقول:"ميابن سيامي لها فيما حبوشيم يسرائيل". تفسيره:"أبى ابن حمي أن يقيم لأخيه اسما في إسرائيل، ولم يرد نكاحي". فيلزمونها بالكذب عليه؛ لأنه أراد فمنعته، وكان الامتناع منها والإرادة منه. وإذا لقنوها تلك الألفاظ فهم يأمرونها بالكذب، ويحضرونه ويأمرونه بأن يقول:"لوحا فاصتي لقحتاه" تفسيره: ما أردت نكاحها. ولعل ذلك خلاف سؤله ومناه. فيأمرونه أن يكذب.
وأما خلع نعله وبصقها في وجهه فغاية التعدي؛ لأنه ما كفاهم أن كذبوا عليه وألزموه بأن يكذب، حتى ألزموه عقابا على ذنب لم يجنه. فصاروا كما قال الشاعر: