للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أنه لا معنى لزيادة في الشرع إلا تحريم ما تقدمت إباحته، أو إباحة ما تقدم تحريمه.

فإن قالوا: إن الحكيم لا يحظر شيئا ثم يبيحه؛ لأن ذلك إن جاز مثله كان كمن أمر بشيء وضده.

فالجواب أن من أمر بشيء وضده في زمانين مختلفين غير متناقض في أوامره. وإنما يكون كذلك لو كان الأمران في وقت واحد.

فإن قالوا: إن التوراة حظرت أمورا كانت مباحة من قبل، ولم تأتِ بإباحة محظور. والنسخ المكروه هو إباحة المحظور؛ لأن من أبيح له شيء فامتنع عنه، وحظره على نفسه فليس بمخالف. وإنما المخالف من منع من شيء فأتاه لاستباحته المحظور.

فالجواب: أن من أحل ما حظره الشرع في طبقة المحرِّم لما أحله الشرع؛ إذ كل منهما قد خالف المشروع، ولم يقر الكلمة على معاهدها. فإذا جاز أن يأتي شرع التوراة بتحريم ما كان إبراهيم -عليه


= على زعمهم هذا فقال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: ٣٨] أي: من تعب أو نَصَب.
هذا، وقد تكرر حكم تعظيم يوم السبت وتحريم العمل فيه في مواضع أخرى كثيرة من أسفار العهد القديم، مثل: سفر الخروج ٣٤/ ٢١ و٣٥/ ٢، ٣، وسفر الأحبار -اللاويين- حيث وردت عدة فقرات منثورة في الباب الثالث والعشرين، وسفر العدد ١٥/ ٣٢ - ٣٦، حيث ذكرت قصة الذي جمع حطبا في يوم السبت، فقتل خارج المحلة رجما بالحجارة، وسفر التثنية ٥/ ١٢ - ١٥، وسفر نحميا ٩/ ١٤، وسفر إشعياء، ففيه فقرات منثورة في البابين السادس والخمسين والثامن والخمسين، وسفر إرمياء ١٧/ ٢١ - ٢٧.

<<  <   >  >>