للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالتصديق والآخر بالتكذيب، فقد تعين عليه الملام والإزراء عقلا. ولنضرب لذلك مثلا: إذا سألنا يهوديا عن موسى -عليه السلام- وهل رآه وعاين معجزاته؟ فهو بالضرورة يقر بأنه لم يشاهد شيئا من ذلك عِيَانا.

فنقول له: بماذا عرفت نبوة موسى وصدقه؟

فإن قال: إن التواتر قد حقق ذلك، وشهادات الأمم بصحته دليل


= وبمقارنة ما جاء به بما جاء به الأنبياء قبله. فالأنبياء جميعا يدعون إلى أصول مشتركة لا تختلف في حقيقتها وجوهرها. والأخبار الصادقة لا تتناقض. لكن قد يكون بعض الأنبياء أعلم ببعض الأمور أو بتفاصيلها من بعض.
- ونوع عرف أن نبيا سيبعث. وربما عرف بعض صفاته وأموره، فيحتاج إلى أن يعرف عينه.
وما يحتاج إليه هذا النوع من دلائل الصدق أيسر مما يحتاج إليه من لا يؤمن بالرسل أو من لا يعرف أن نبيا سيبعث.
وأهل الكتاب من يهود ونصارى كانوا من هذا النوع قبل بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- فإنهم كانوا ينتظرون مجيء نبي آخر الزمان الذي بشرت به الأنبياء، وبينت نعوته، وأخذت له من أممها العهد بالاتباع والنصرة. انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية ٣/ ٢٩٨ و٤/ ٣٢١، الفصل لابن حزم ١/ ٧٣ - ٧٤، مجموع فتاوى ابن تيمية ٤/ ٤٨ و٩٩ و٢٠٩.
ومن تتبع سيرة محمد -صلى الله عليه وسلم- وتدبرها من حين ولد إلى أن بعث، ومن حين بعث إلى أن انتقل إلى جوار ربه، وتدبر نسبه وبلده وأصله وفصله وما جرى معه وما انتهى إليه بتجرد وإنصاف وصل إلى طمأنينة القلب بصدق هذا الرجل.

<<  <   >  >>