للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= إظهار الحق ٢/ ٢٥٠.
أما قول ابن كمونة: "إن الكلام كله مختص ببني إسرائيل" فنعم لأن الخطاب موجه إليهم كما أن البشارة والتنبيه لهم. ومثل هذا كثير في التوراة، لكن لا يعني أن البركة دائما لهم، وأن النبوة أبدا فيهم. ومن ناحية أخرى فإن نبي آخر الزمان مرسل إليهم وإلى غيرهم. وأما الإخبار بلفظ الماضي: "جاء، أشرق، تلألأ" فلتحقق الوقوع وتأكيده. وهذا أمر متعارف عليه في مثل هذا المقام. ويشهد لذلك الانتقال من ضمير الغائب إلى ضمير المخاطب في قوله: "جميع قديسيه في يدك، وهم جالسون عند قدمك ... ".
واليهود بأسرهم مجمعون على أن في التوراة بشارات بصاحب شريعة يأتي في آخر الزمان. وهم يعلمون أنه يبعث في برية فاران في الحجاز. ولذلك ترك قسم كبير منهم بلاد الشام وغيرها، وهاجر إلى تلك البقاع في الجزيرة العربية، وأقاموا القلاع والحصون قرب مدينة ذات نخل واقعة بين حرتين، فإنها دار هجرية ومنطلق دينه. فلما ظهر وأعلن الحق بفاران ثم هاجر إلى دار هجرته هجروه وتركوا نصرته، بل عادوه وكادوا له، فأظهره الله عليهم.
ويقال للنصارى: أي نبي جاء بعد المسيح -عليه السلام- من إيلات؟ أهو المسيح نفسه؟ وإذا كان كذلك، فلم ذكر مرتين؟ وهل نزل عليه كتاب آخر هناك؟ ومتى؟ وأية نبوة خرجت من بلاد الشام أو من بين مكة وطور سيناء بعد المسيح سوى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟
وصفوة القول: إنه لم ينزل بعد المسيح -عليه السلام- كتاب سماوي سوى القرآن الكريم، ولم يبعث بعده غير محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي ولد في مكة في برية فاران مسكن أجداده آل إسماعيل بن إبراهيم. وقد نزل عليه الوحي لأول مرة في غار حراء الذي هو جزء من جبال فاران =

<<  <   >  >>