تَأْوِيلُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ}
هَلْ هُوَ عَلَى الْقِيَامِ إِلَى كُلِّ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؟ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ الْقِيَامِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ قَائِمٍ إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ، يُرِيدُونَ بِذَلِكَ كُلَّ مُرِيدٍ لِلْقِيَامِ إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ قَبْلَ قِيَامِهِ إِلَيْهَا حَتَّى يَقُومَ إِلَيْهَا مُتَوَضِّئًا الْوُضُوءَ الَّذِي أَمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فِي بَقِيَّةِ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: وَهَذَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} أَيْ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ حَتَّى تَقْرَأَهُ عَلَى اسْتِعَاذَةٍ قَدْ كَانَتْ مِنْكَ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مُنْقَطِعًا
١ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ التَّنُّورِيُّ، وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَيَتْلُو: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَيْسَ عَلَى كُلِّ مُرِيدٍ الْقِيَامَ إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ أَنْ يَتَوَضَّأَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى حَدَثٍ، فَيَتَوَضَّأُ لِحَدَثِهِ حَتَّى يَصِيرَ طَاهِرًا، فَيَكُونَ قِيَامُهُ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَى الطَّهَارَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ نَقُومَ إِلَيْهَا فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، فَهُوَ إِذَا قَامَ عَلَى حَالِهِ، فَهُوَ قَدْ قَامَ عَلَى مَا أَمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَلَا مَعْنَى لِتَوَضُّئِهِ لِلصَّلَاةِ الَّذِي لَا يُخْرِجُهُ مِنْ حَدَثٍ إِلَى طَهَارَةٍ وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: قَدْ كَانَ الْوُضُوءُ وَاجِبًا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْمُرِيدِينَ لِلْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ لِكُلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute