فَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَمَلَ أُمَامَةَ فِي صَلَاتِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَأْمُونٍ مِنْهَا مُمَاسَّةُ وَجْهِهِ أَوْ رَأْسِهِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ يَدَيْهِ، لِأَنَّ عَادَاتِ الصِّبْيَانِ جَارِيَةٌ عَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهَا نَاقِضًا لِطَهَارَتِهِ إِذًا لَكَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي صَلَاتِهِ مَا هُوَ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى بَعْضِ طَهَارَتِهِ الَّتِي بِهَا تَتِمُّ صَلَاتُهُ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُلَامَسَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا هِيَ الْجِمَاعُ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِالدَّلَائِلِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَلَيْهَا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُمُ اللهُ وَرَضِيَ عَنْهُمْ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ
تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} ، وَكَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَيَمَّمُوا} مِنَ الْمُحْكَمِ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ، وَتَأْوِيلُهُ عِنْدَهُمْ: اقْصُدُوا صَعِيدًا كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} ، يَعْنِي: قَاصِدِينَ، وَكَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} يَعْنِي: وَلَا تَقْصِدُوا، وَسَنَذْكُرُ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ، وَكَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {صَعِيدًا طَيِّبًا} مِنَ الْمُتَشَابِهِ الْمُخْتَلَفِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ؟، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ رَمْلٍ، وَتُرَابٍ، أَوْ زَرْنِيخٍ، أَوْ مَغَرَّةٍ، أَوْ مَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ صَعِيدٌ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ: التُّرَابُ النَّظِيفُ دُونَ مَا سِوَاهُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ، وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَلَمْ نَجِدْ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ دَلِيلًا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْتَمَسْنَاهُ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْنَاهُ فِيهَا
١٠٠ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عِنْهُ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute