تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} الآيَةَ
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا} فَهَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، فِي الزَّوْجَيْنِ الْبَالِغَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ إِذَا اشْتَبَهَتْ حَالاهُمَا، وَتَبَاعَدَ مَا بَيْنَهُمَا، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مَنْعَهُ مِنَ الْحَقِّ الْوَاجِبِ لَهُ، وَلَمْ يَقِفِ الإِمَامُ عَلَى الظَّالِمِ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ فَيَمْنَعُهُ مِنْ ظُلْمِهِ، وَيَأْخُذُهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ، فَيَبْعَثُ فِي ذَلِكَ حَكَمَيْنِ، أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الزَّوْجِ، وَالآخَرُ مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ، حَتَّى يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ، وَيَكْشِفَا الْحَالَ فِيهِ فَإِذَا وَقَفَا عَلَى حَقِيقَةِ الأَمْرِ فِيهِ رُدَّ الظَّالِمُ مِنْهُمَا إِلَى الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي بُعِثَا مِنْ أَجْلِهِ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى ذَلِكَ وَإِلا كَانَا شَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ بِمَا قَدْ وَقَفَا عَلَيْهِ، فَيُؤَدِّيَانِ ذَلِكَ إِلَى الإِمَامِ عَلَى سَبِيلِ الشَّهَادَةِ، فَيَأْخُذُ الإِمَامُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّوْجَيْنِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ عَلَيْهِ، وَيَقْضِي بِذَلِكَ، وَيَرُدُّهُ إِلَى الْوَاجِبِ فِيهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ، هَلْ لَهُمَا أَنْ يُفَرِّقَا بِمَا قَدْ جُعِلَ إِلَيْهِمَا حَتَّى تَكُونَ الْمَرْأَةُ بَائِنًا مِنْ زَوْجِهَا، وَيَكُونَ زَوْجُهَا فِي مَعْنَى الْمُطَلِّقِ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا إِلا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ قَدْ جَعَلاهُ إِلَيْهِمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ، وَمِنَ الاجْتِعَالِ لِلزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ فِيهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى كَمَا
٢٠٠٨ - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، وَهِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، وَقَدْ نَشَزَتْ عَلَى زَوْجِهَا، فَقَالَ: " ابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا " فَفَعَلُوا، فَقَالَ عَلِيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute