مُجَامَعَاتٍ، وَكَانَ مَنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا ثُمَّ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا الَّتِي جَامَعَهَا فِيهَا، وَحَتَّى تَحِيضَ بَعْدَهَا حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ تَطْهُرَ مِنْهَا لِيَكُونَ بَيْنَ جِمَاعِهِ إِيَّاهَا وَبَيْنَ طَلاقِهِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُطَلِّقَهَا إِيَّاهُ حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ فَالْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ إِذَا طَلَّقَهَا حَائِضًا، ثُمَّ إِنْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَلا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَ طَلاقِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا إِيَّاهُ
، وَبَيْنَ الطَّلاقِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُطَلِّقَهَا إِيَّاهُ حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ وَفِي ثُبُوتِ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِبَادَ مُهَيَّئُونَ أَنْ يُوقِعُوا مِنَ الطَّلاقِ عَلَى نِسَائِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، لأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ أَنْ يَأْمُرَ ابْنَ عُمَرَ بِمُرَاجَعَةِ امْرَأَتِهِ الَّتِي طَلَّقَهَا حَائِضًا، وَأَلا يُطَلِّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِهَا تِلْكَ، ثُمَّ تَحِيضَ بَعْدَهَا حَيْضَةً أُخْرَى، ثُمَّ تَطْهُرَ مِنْهَا لِتَكُونَ بَيْنَ كُلِّ طَلْقَتَيْنِ حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي جَمْعُ تَطْلِيقَتَيْنِ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ عَلَى امْرَأَةٍ، وَلا فِي وَقْتٍ لَا فَاصِلَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْحَيْضِ كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ أَنْ يَأْمُرَ ابْنَ عُمَرَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا وَهِيَ طَاهِرٌ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، فَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ حَتَّى تَكُونَ بَيْنَ كُلِّ تَطْلِيقَتَيْنِ يُطَلِّقُهَا حَيْضَةٌ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَأَبَاحَهُ بَعْضُهُمْ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ
تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} ، إِلَى قَوْلِهِ: {يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ أَمْرِهِ أَنْ يُطَلَّقَ النِّسَاءُ لِعِدَدِهِنَّ: {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} فَأَمَرَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ بِإِحْصَائِهَا لِيَقِفُوا بِذَلِكَ عَلَى أَوَّلِهَا، وَعَلَى الْوَقْتِ الَّذِي بِهِ تَحِلُّ الْمُعْتَدَّةُ مِنَ الْعِدَّةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا، وَعَلَى انْقِطَاعِ الْوَاجِبِ لَهَا كَانَ فِيهَا عَلَى مُطَلِّقِهَا ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute