للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٠٧ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، " فِي الْمُتَلاعِنَيْنِ: " لَا يَتَرَاجَعَانِ أَبَدًا إِلا أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ، فَيُجْلَدُ الْحَدَّ، وَتَظْهَرُ بَرَاءَتُهَا، فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَرَاجَعَا " فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: " مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا " أَيْ مَا كَانَ الزَّوْجُ مُقِيمًا عَلَى قَوْلِهِ، وَثَابِتًا عَلَى

الْحَالِ الأُولَى الَّتِي لاعَنَ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ، " أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا " هُوَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، مَا كَانَا عَلَى الْحَالِ الَّتِي يُلاعِنَا عَلَيْهَا فَأَمَّا إِذَا زَالا عَنْهَا بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، وَصَارَا إِلَى حَالٍ لَوْ كَانَا صَارَا إِلَيْهَا قَبْلَ الْمُلاعَنَةِ لَا يَتَلاعَنَا، ذَهَبَتِ الْحُرْمَةُ الَّتِي كَانَتْ وَجَبَتَ، لأَنَّ اللِّعَانَ إِنَّمَا كَانَ مَضَى عَلَيْهِمَا الْحُكْمَ بِزَوَالِ النِّكَاحِ عَنْهُمَا بِثُبُوتِهِمَا عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ مِنَ التَّكَاذُبِ فِيمَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنَ الزِّنَى الَّذِي رَمَاهَا بِهِ فَأَمَّا لَوْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ فَحُدَّتِ الْمَرْأَةُ، وَحَدَثَتْ حَادِثَةٌ تَمْنَعُ اللِّعَانَ، لَمْ يَتَلاعَنَا، وَبَقِيَا زَوْجَيْنِ عَلَى حَالِهِمَا، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْحَادِثَةُ إِذَا حَدَثَتْ بَعْدَ اللِّعَانِ أَنْ تُطْلَقَ الْحُرْمَةُ الَّتِي كَانَ اللِّعَانُ أَوْجَبَهَا فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} ، فَإِنَّ الْعَذَابَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الآيَةِ مِنَ الْمُتَشَابَهِ الْمُخْتَلَفِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ، فَطَائِفَةٌ تَقُولُ: هُوَ الْحَبْسُ حَتَّى تُلاعِنَ كَمَا لاعَنَ الزَّوْجُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: هُوَ الْحَدُّ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا الْحُدُودَ الْمُتَّفَقِ عَلَى وُجُوبِهَا إِنَّمَا تَجِبُ بِالإِقْرَارَاتِ أَوِ الْبَيَانَاتِ الْوَاجِبِ بِهَا إِقَامَتُهَا، لَا بِمَا سِوَى ذَلِكَ، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَلا يُقَامَ الْحَدُّ عَلَى الْمَرْأَةِ إِلا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>