ذَلِكَ الْحَدِيدُ، وَالنُّحَاسُ، لَا زَكَاةَ فِي مَصُوغِهِمَا، وَلَا فِي النَّقْرِ مِنْهُمَا وَفِي ثُبُوتِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي نَقْرِ الْفِضَّةِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ وُجُوبِهَا فِي مَصُوغِهِمَا حُلِيًّا وَدَرَاهِمَ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَقَدْ شَبَّهَ قَوْمٌ الْحُلِيَّ بِالْعَوَامِلِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، فَقَالُوا
: لَا تَجِبُ فِي الْمُسْتَعْمَلِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الزَّكَاةُ، فَكَذَلِكَ لَا تَجِبُ فِي الْحُلِيِّ الْمُسْتَعْمَلِ الزَّكَاةُ، وَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا غَلَطًا مِنَ الشَّبَهِ بَيْنَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحُلِيَّ لَمْ يَنْتَقِلْ بِأَنْ صَارَ حُلِيًّا عَنْ حُكْمِ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ حُلِيًّا، بَلْ قَدْ ثَبَتَتْ أَحْكَامُهُ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِنْهُمَا إِلَّا يَدًا بِيَدٍ وَأَمَّا الْعَوَامِلُ فَإِنَّ الزَّكَاةَ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً فِي أَصْلِهَا كَمَا وَجَبَتْ فِي أَصْلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِيهِمَا بِمَعْنًى طَرَأَ عَلَيْهَا مِنْ إِسَامَةِ مَا إِلَيْهَا إِيَّاهَا، فَوَجَبَتِ الزَّكَاةُ مَا كَانَتْ سَائِمَةً لِعِلَّةِ الْإِسَامَةِ لَهَا، لَا لَهَا فِي نَفْسِهَا، فَإِذَا بَطَلَتِ الْعِلَّةُ الَّتِي وَجَبَتِ الزَّكَاةُ فِيهَا مِنْ أَجْلِهَا رَجَعَتْ إِلَى حُكْمِ أَصْلِهَا، وَبَطَلَتِ الزَّكَاةُ عَنْهَا هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُوجِبُ فِي الْعَوَامِلِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الزَّكَاةَ وَمِمَّنْ قَالَ بذلك: أَبُو حنيفَة، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَزفر، وَأَبُو يُوسُف، وَمُحَمّد، وَالشَّافِعِيّ وَأما من يُوجب فِي أصل العوامل من الْإِبِل وَالْبَقر الزَّكَاة وَهُمْ: مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَمَنْ تَابَعَهُمَا عَلَى ذَلِكَ، فَيُوجِبُونَ الزَّكَاةَ فِيهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْإِسَامَةِ عَنْهَا كَمَا كَانَتْ وَاجِبَةً فِيهَا قَبْلَ الْإِسَامَةِ وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ فِي الْحُلِيِّ الَّذِي يُعَارُ وَيُلْبَسُ أَنَّهُ يُزَكَّى مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يُزَكَّى بَعْدَ ذَلِكَ، وَرَوَوْا قَوْلَهُمْ هَذَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
٥٣٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " إِذَا كَانَ الْحُلِيُّ يُعَارُ وَيُلْبَسُ زُكِّيَ مَرَّةً وَاحِدَةً "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute