وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا رُوِّينَاهُ مِنْ هَذِهِ الآثَارِ، " فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الإِبِلِ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ "، وَهَذَا مَوْضِعٌ يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، فَقَائِلُونَ مِنْهُمْ يَقُولُونَ: هَذَا الْوَاجِبُ فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ إِذَا لَمْ تُوجَدْ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَقَائِلُونَ مِنْهُمْ يَقُولُونَ: لَا يَجِبُ فِيهَا ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ إِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِيهَا، أَوْ جَاءَ بِهَا صَاحِبُ الإِبِلِ مِمَّا سِوَاهَا، أَوْ قَيِمَتُهَا دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمُ اللهُ يَقُولُونَ فِي هَذَا، وَالآثَارُ كُلُّهَا فَعَلَى الْقَوْلِ الأَوَّلِ الَّذِي رُوِّينَا عَنْ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ إِلا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْزُوقٍ، فَإِنَّ هَذَا الْحَرْفَ لَيْسَ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ الَّذِي حَكَاهُ عَنْ ثُمَامَةَ
وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَنْهُ بِهِ، وَحَدِيثِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ثُمَامَةَ سَمَاعًا وَالنَّظَرُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ الْفَرَائِضِ فِي الصَّدَقَاتِ فِي الإِبِلِ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْمَذْكُورِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، إِنَّمَا فِيهَا بَنَاتُ مَخَاضٍ، وَبَنَاتُ لَبُونٍ، وَحِقَاقٌ، وَجَدَعَاتٌ، وَشِيَاهٌ، وَنَهَى عَنْ أَخْذِ تَيْسِ الْغَنَمِ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَلا يَدْخُلَ فِيهَا الذَّكَرَانِ مِنْ بَنِي اللَّبُونِ وَالآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ أَوْلَى مِنَ النَّظَرِ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الآثَارَ عِنْدَنَا لَمْ تَتَّصِلْ بِأَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَلَوِ اتَّصَلَتْ بِهِمْ عِنْدَنَا لَقَالُوا بِهَا، لأَنَّهُ لَيْسَ لأَحَدٍ الْخُلْفُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ كَمَا فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ حَتَّى تَكُونَ سِتًّا وَثَلاثِينَ، فَإِذَا صَارَتْ سِتًّا وَثَلاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ إِلَى أَنْ تَكُونَ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ إِلَى أَنْ تَكُونَ إِحْدَى وَسِتِّينَ، فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى أَنْ تَكُونَ سِتًّا وَسَبْعِينَ، فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إِلَى أَنْ تَكُونَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ، فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَهَذَا فَمَذْكُورٌ فِي الآثَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي فَرَائِضِ الإِبِلِ فِي كُلِّ أَثَرٍ مِنْهَا عَلَى هَذِهِ الْمَرَاتِبِ، وَلا اخْتِلافَ فِي ذَلِكَ عَلِمْنَاهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ وَالمِائَةِ، فَإِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي
ذَلِكَ وَيَفْتَرِقُونَ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوَالٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute