للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمَوَاشِي الَّتِي

ذَكَرْنَاهَا صِغَارًا، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ عِجَافًا كُلُّهَا، وَكَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ عِجَافٌ لَا تُسَاوِي شَاةً، فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ كَانَ يَقُولُ فِيمَا رَوَى عَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: فِيهَا وَاحِدٌ مِنْهَا، قَالَ: وَلا أُوجِبُ عَلَيْهِ وَاحِدًا مِنْ غَيْرِهَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهَا وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، يَقُولُ: أَعْتَبِرُ الأَمْرَ فِي ذَلِكَ، فَأَقُولُ: لَوْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ أَوْسَاطٌ لَكَانَتْ عَلَيْهِ شَاةٌ وَسَطٌ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ عِجَافٌا نَظَرْتُ إِلَى خَمْسَةٍ مِنَ الأَوْسَاطِ، فَكَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عِشْرُونَ دِرْهَمًا، فَفِيهَا شَاةٌ وَسَطٌ قِيمَتُهَا عَشْرَةُ دَرَاهِمَ، فَأَعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي قِيمَتُهَا عَشْرَةُ دَرَاهِمَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي خَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَإِذَا كَانَتِ الإِبِلُ عِجَافًا لَا تُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ نَظَرْتُ كَمْ قِيمَتُهَا مِنَ الْمِائَةِ الدِّرْهَمِ؟ وَكَأَنَّهَا مَثَلا عِشْرُونَ دِرْهَمًا قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، فَعَلِمْتُ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي فِي الْعَشْرِ مِنَ الْوَاجِبِ فِي الْمِائَةِ خَمْسَةٌ، فَأَقُولُ لِصَاحِبِ الإِبِلِ الْخَمْسِ الْعِجَافِ عَلَيْكَ شَاةٌ قِيمَتُهَا دِرْهَمَانِ، فَإِذَا أَدَّيْتَ إِلَى هَذَا الْمُصَدِّقِ شَاةً قِيمَتُهَا دِرْهَمَانِ قَبِلَهَا مِنْكَ، وَإِنْ أَدَّيْتَ إِلَيْهِ شِرْكًا مِنْ شَاةٍ يُسَاوِي ذَلِكَ الشِّرْكَ مِنْهَا دِرْهَمَانِ قَبِلَهُ مِنْكَ، وَإِنْ أَدَّيْتَ إِلَيْهِ دِرْهَمَيْنِ قَبِلَهُمَا مِنْكَ، فَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا أَحْسَنَ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْعَدَدِ مِنَ الْمَوَاشِي إِذَا كَانَتْ صِغَارًا وَكِبَارًا، وَكَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ مَسَانٌّ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ صِغَارٌ، وَيَكْمُلُ بِهَا الْعَدَدُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْهَا، فَقَالَ

قَائِلُونَ: فِيهَا الزَّكَاةُ وَتَعْتَدُّ بِصِغَارِهَا، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، رَحِمَهُمُ اللهُ وَقَالَ قَائِلُونَ: لَا يَعْتَدُّ بِالصِّغَارِ مَعَ الْكِبَارِ، حَتَّى تَكُونَ الْكِبَارُ أَرْبَعِينَ فَصَاعِدًا وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهَذَا قَوْلٌ مَا عَلِمْنَا أَحَدًا تَقَدَّمَهُ فِيهِ، وَقَدْ دَفَعَ ذَلِكَ خَبَرُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لأَنَّهُ أَمَرَ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيَّ حِينَ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا أَنْ يَعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي فِي كَفِّهِ، وَلَمْ يُقَدِّرْ فِي ذَلِكَ أَرْبَعِينَ، وَلا غَيْرَ أَرْبَعِينَ وَجَعَلَ ذَلِكَ مُطْلَقًا فِي كُلِّ الْمَوَاشِي، وَلا نَعْلَمُ عَمَّنْ أَخَذَ هَذَا التَّفْصِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>