مَسْحِهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ سَائِرَ الْأَعْضَاءِ الْمَأْمُورِ بِغَسْلِهَا فِي الْجَنَابَةِ، وَفِي الْوُضُوءِ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَأَنَّهُ إِذَا أَوْصَلَ الْمَاءَ إِلَيْهَا فَقَدْ سَقَطَ بِذَلِكَ الْفَرْضُ عَنْهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا الَّذِي تُؤَدَّى بِهِ هَذِهِ الطَّهَارَةُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ؟ وَبَيَّنَ لَنَا فِي غَيْرِهَا مِنْ كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى مَاءِ السَّمَاءِ وَهُوَ الْمَطَرُ، ثُمَّ الْتَمَسْنَا حُكْمَ مَاءِ الْأَرْضِ، فَوَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَنَازَعُوا فِيهِ، فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ كَمَاءِ
السَّمَاءِ تُؤَدَّى بِهِ الْفَرَائِضُ فِي الطَّهَارَاتِ كَمَا تُؤَدَّى بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ بَعْضُهُمْ كَذَلِكَ، وَمَنَعَ أَدَاءَ الْفَرَائِضِ بِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ
٥٦ - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صَهْبَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " الصَّعِيدُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، يَعْنِي: مَاءَ الْبَحْرِ " وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِيهِ:
٥٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ، قَالَ: قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ: " سَبْعَةُ أَبْحُرٍ وَسَبْعَةُ أَنْهُرٍ لَا يُجْزِينَ مِنْ جَنَابَةٍ وَلَا مِنْ طُهُورٍ " وَخَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
٥٨ - فَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ شِنَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، وَكُرَيْبٍ، وَعِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " هُمَا الْبَحْرَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا تَوَضَّأْتَ " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ طَلَبْنَا الْوَجْهَ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ بِعَقِبِ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الطَّهَارَاتِ بِالْمَاءِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} ، فَعَمَّ بِذَلِكَ الْمِيَاهَ كُلَّهَا {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} ، وَلَمْ يُبِحِ التَّيَمُّمَ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمِيَاهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute