وأمَّا الْعَامِلُونَ عَلَى الصَّدقَات فهم الساعاة عَلَيْهَا، الَّذين يَأْخُذُونَ مِنْهَا بعمَالتهم عَلَيْهَا مَا يأخذونه مِنْهَا، وَلَيْسَ لَهُم فِي ذَلِكَ مِنْهَا سهم موقت لَا يزادون عَلَيْه، وَلَا
ينقصُونَ مِنْهُ، إنمَا يُعْطون مِنْهَا مِقْدَار مَا يكفِيهم فِي عمَالتهم عَلَيْهَا لأَنْفُسِهِمْ ولأعوانهم عَلَى ذَلِكَ وكذَلِكَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحمَه الله، يَقُولُ فِيمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّد، عَنْ عَليّ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحمَه الله: فَإِن قيل لَهُ التَّمْر لم يلْتَفت إِلَى ذَلِكَ، وَلكنه يُعْطي مِنْهَا مَا يَسعهُ ويسع أعوانه وَلم يحك خلافًا وأمَّا الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم فهم الَّذين كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتآلفهم عَلَى الْإِسْلَام لحَاجَة أهل الْإِسْلَام إِلَى ذَلِكَ وَهَذَا مِمَّا أغْنى الله عَزَّ وَجَلَّ عَنهُ الْمُسْلِمِينَ بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفِي مُدَّة من حَيَاة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وأمَا قَوْله: {وَفِي الرِّقَابِ} فَإِن أهل الْعلم، رَحِمهم الله، اخْتلفُوا فِي المُرَاد بِذَلِكَ مَا هُوَ؟ فطائفة مِنْهُمْ تَقول: هم المكاتبون يُعْطون من الزَّكَاة مَا يستعينون بِهِ فِي فكاك رقابهم من الرّقّ، وَالْخُرُوج من المكاتبات اللائي هم فِيهَا، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ بِذَلِكَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَزفر، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمّد، وَالشَّافِعِيّ وَطَائِفَة تَقول: هُوَ عَلَى الرّقاب ساعون من الزَّكَاة، فيعتقون فِيكون ولاؤهم للْمُسلمين، لَا للمعتقين لَهُم خَاصَّة، وَمِمَّنْ روى ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالك وَكثير من أهل الْمَدِينَة، وقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ الْمُتَقَدِّمين مَا:
٧٦٤ - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " أَعْتِقْ مِنْ زَكَاةِ مَالِكَ "
٧٦٥ - وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: " لَا تُعْتِقْ مِنَ الزَّكَاةِ رَقَبَةً مَخَافَةَ أَنْ يَجُرَّ الْوَلاءَ " ولمَّا اخْتلفُوا فِي ذَلِكَ وَوجدنَا الْحجَّة قَدْ قَامَت عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: " إِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " عقلنا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يكون وَلَاء نسمَة قَدْ أعْتقهَا رجل لغيره، فاستحال بِذَلِكَ أَن يكون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute