كلهَا، إنمَا هُوَ من صنف وَاحِد من أصنافها، فَدلَّ مَا ذكرنَا عَلَى صِحَة تَأْوِيل ابْن عَبَّاس وَحُذَيْفَة الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عنهمَا
وقَدْ روينَا فِيمَا تقَدم من كتَابنَا هَذَا حَدِيث عبد الله بن الْخِيَار عَنْ رجلَيْنِ من قومه، أنهمَا أَتَيَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يقسم الصَّدَقَة، فَسَأَلَاهُ مِنْهَا، فَرفع الْبَصَر فِيهمَا وخفضه فرآهمَا رجلَيْنِ قويين، فقَالَ: " إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ، وَلا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ "، وَلم يسألهمَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصِّنْف الَّذِي همَا مِنْهُ من أَصْنَاف أهل الصَّدَقَة الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة الَّتِي تلونا، وَلَو كَانَ يحْتَاج إِلَى إدخالهما فِي صنف من أصنافها ليحسب بمَا يعطيهمَا مِنْهَا فِي جُزْء ذَلِكَ الصِّنْف وقَدْ روينَا فِيمَا تقَدم منا فِي كتَابنَا هَذَا عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ أَمر معَاذ بن جبل لمَّا وَجهه عَلَى الصَّدَقَة، " أَن يَأْخُذهَا من الْأَغْنِيَاء فَيَضَعهَا فِي الْفُقَرَاء "، فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى أَن أهل الصَّدَقَة هم الْفُقَرَاء، وكل من وَقع عَلَيْهِ بِهَذَا الِاسْم كَانَ مُسْتَحقّا لَهَا فَإِن قَالَ قَائِل: فقَدْ رويتم فِيمَا تقَدم من هَذَا الْكتاب حَدِيث الصدائي، لمَّا قَالَ لَهُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَرْضَ فِي الصَّدَقَاتِ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلا غَيْرِهِ حَتَّى جَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ مِنْهَا "، قَالَ: فَهَذَا قَدْ دلّ عَلَى أَن الصَّدقَات مجزأَة عَلَى ثمَانية أَجزَاء عَلَى مَا فِي الْآيَة الَّتِي تلونا قيل لَهُ: فِي هَذَا الحَدِيث مَا دلّ عَلَى مَا قُلْنَا، وَهُوَ قَول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ مِنْهَا "،
وَلم يقل: فَإِن كنت من تِلْكَ الْأَجْزَاء أَعطيتك مَا يُصِيب ذَلِكَ الْجُزْء مِنْهَا وفِي هَذَا الحَدِيث أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب للصدائي بِشَيْء من صَدَقَة قومه كتابا، وَلم يسْأَله من الغارمين هُوَ أَو من سَائِر أَصْنَاف الصَّدقَات الَّذين ذكرهم الله عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَة الَّتِي تلونا ليَكُون يكْتب إِلَى عَامله عَلَى الصَّدَقَة فِيمَا هُنَاكَ أَن يحْتَسب بِالَّذِي يَدْفَعهُ إِلَيْهِ مِنْهَا فِي حِصَّة أهل ذَلِكَ الْجُزْء مِنْهَا، فَدلَّ ذَلِكَ أَن مُرَاد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْله للصدائي: إِن الله عَزَّ وَجَلَّ جزأها ثمَانية أَجزَاء يُجزئ وضع الصَّدقَات مِنْهَا فِي كل جُزْء مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute