حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ الَّذِينَ يُؤْخَذُونَ بِهِ، وَالَّذِينَ يُطِيقُونَهُ يَصُومُونَهُ " وقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَة عَنِ ابْنِ عَبَّاس كمَا ذكرنَا، وَرُوِيَ عَنهُ فِي المُرَاد بِهَا مَا وَصفنَا، وقَدْ رُوِيَ عَنهُ أَيْضا خلاف هَذِهِ الْقِرَاءَة
٩١١ - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِحْوَلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} قَالَ: " الَّذِينَ يُجَشَّمُونَهُ وَلا يُطِيقُونَهُ لِلْحُبْلَى وَالْمَرِيضِ وَالْكَبِيرِ وَصَاحِبِ الْعُطَاسِ " وكَانَ المُرَاد بالطاقة فِي هَذَا عِنْد ابْن عَبَّاس هُوَ الطَّاقَة الَّتِي مَعهَا الْمَشَقَّة عَلَى مَا فِي حَدِيث عزْرَة، عَنْ سعيد، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، الَّذِي روينَاهُ، ولَيْسَ عَلَى الطَّاقَة الَّتِي لَا مشقة لَهَا
٩١٢ - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ تُرْضِعُ فَجَهِدَتْ، فَقَالَ لَهَا: " أَفْطِرِي، فَإِنَّكِ بِمَنْزِلَةِ {الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} " ففِي هَذَا الحَدِيث مَا يدل عَلَى أَنَّهَا قَدْ كَانَت تطِيق الصَّوْم بِمَشَقَّة عَلَيْهَا وَجهد لَهَا، فَدلَّ ذَلِكَ من قِرَاءَة ابْن عَبَّاس عَلَى أَنَّهَا عَلَى إِثْبَات الطَّاقَة، لَا عَلَى نفِيها، وعَلَى أَن الطَّاقَة المرادة فِي ذَلِكَ هِيَ الطَّاقَة الَّتِي مَعهَا الْمَشَقَّة والجهد، لَا مَا سواهَا من الطاقات اللَّاتِي لَا جهد مَعهَا وَلَا مشقة وقَدْ ثَبت بِهَذِهِ التأويلات اللَّاتِي ذكرنَا إِيجَاب صَوْم شهر رَمَضَان فِي عين الشَّهْر عَلَى الْحَاضِرين، الْبَالِغين، المكلفِين، المطيقين لصومه، وانتفى أَن يكون لَهُم الرُّخْصَة فِي ترك صَوْمه لفدية يفتدونها مِنْهُ، لِأَن الَّذين ذَهَبُوا إِلَى أَن الْآيَة الَّتِي تلونا مَنْسُوخَة كمَا قَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع فِيمَا روينَا عَنهُ من ذَلِكَ فِي
هَذَا الْكتاب، ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ للنَّاس جَمِيعًا الْفِدْيَة من الصَّوْم بِالْإِطْعَامِ، حَتَّى نسخ الله عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بمَا نسخه بِهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَاب، وَلِأَن الَّذين ذَهَبُوا إِلَى أَن الْآيَة غير مَنْسُوخَة قرأوها عَلَى التطويق، لَا عَلَى الطَّاقَة جعلُوا الطَّعَام الْمَذْكُور فِيهَا عَلَى المطوقين غير المطيقين كمَا روينَا عَنْ عَائِشَة فِي هَذِهِ الْقِرَاءَة عَنِ ابْنِ عَبَّاس فِي الْمُوَافقَة لَهَا عَلَى ذَلِكَ، وفِي تَأْوِيله ذَلِكَ عَلَى مَا تَأَوَّلَه عَلَيْهِ، وَلِأَن الَّذين ذَهَبُوا إِلَى الرِّوَايَة الْأُخْرَى الَّتِي رويناها، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، وقرأوها عَلَى إِثْبَات الطَّاقَة، جعلُوا الطَّعَام الْمَذْكُور فِيهَا بَدَلا من الصّيام عَلَى المطيقين لَهُ بالمشقة والجهد، لَا بمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute