قَالَ أَحْمد: فلمَّا كَانَ الترجيل الَّذِي لَيْسَ من شَأْن الِاعْتِكَاف مُطلقًا للمعتكف فِي اعْتِكَافه، إِذْ كَانَ من صَلَاح بدنه، كَانَ مَا سواهُ مِمَّا فِيه صَلَاح بدنه أَو صَلَاح مَاله، مِمَّا لَيْسَ بِحرَام فِي نَفسه، وَلَا مَمْنُوع بِسَبَب الِاعْتِكَاف مُطلقًا للمعتكف، أَن يَفْعَله وفِي هَذَا الحَدِيث إِخْرَاج رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأسه لترجيل عَائِشَة إِيَّاه لَهُ فِيمَا لَيْسَ لَهُ الْخُرُوج بِبدنِهِ كُله إِلَيْهِ، فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى أَن من حظر عَلَى نَفسه لَا يدْخل بَيْتا، فَأدْخلهُ رَأسه أَنَّهُ لَا يكون بِذَلِكَ فِي معنى من دخله
١٠٩٥ - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفُ، وَلا لِلْمُعْتَكِفَةِ يُنْكَحَانِ فِي اعْتِكَافِهِمَا مَا لَمْ يَكُنِ الْوِقَاعُ قَالَ أَحْمد: هَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَاف فِيه علمناه، وَفِي إِطْلَاقهم ذَلِكَ للمعتكف دَلِيل عَلَى أَن مَا سواهُ من الْأَسْبَاب الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِمَّا لَيْسَ من شَأْن الِاعْتِكَاف كَذَلِكَ أَيْضا
١٠٩٦ - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، " أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ إِذَا اعْتَكَفَتْ لَا تَسْأَلُ عَنِ الْمَرِيضِ إِلا وَهِيَ تَمْشِي لَا تَقِفُ " ففِي هَذَا الحَدِيث سؤالها وَهِيَ معتكفة عَنِ الْمَرِيض وَأَجْمعُوا عَلَى أَن الجمَاع حرَام فِي الِاعْتِكَاف لقَوْل
الله عزّ وجلّ: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} ، فَأَجْمعُوا عَلَى أَن الْمُعْتَكف إِذَا جَامع امْرَأَته نَهَارا أَو لَيْلًا ذَاكِرًا لاعتكافه أَو نَاسِيا لَهُ أَنَّهُ يخرج بِذَلِكَ من اعْتِكَافه، لِأَنَّهُ فعل فِي الِاعْتِكَاف مَا يمنعهُ مِنْهُ الِاعْتِكَاف وَاخْتلفُوا فِي الْمُعْتَكف يخرج من مُعْتَكَفِهِ سَاعَة لغير غَائِط أَو بَوْل، أَو جُمُعَة، فكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، يَقُولُ: قَدْ أفسد اعْتِكَافه، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِي يُوسُف، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهَكَذَا كَانَ مَذْهَب مَالك
١٠٩٧ - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: " لَا يَكُونُ الْمُعْتَكِفُ مُعْتَكِفًا حَتَّى يَجْتَنِبَ مَا يَجْتَنِبُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ، وَالدُّخُولِ إِلَى الْبُيُوتِ إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ " وكَانَ أَبُو يُوسُف فِيمَا حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّد، عَنهُ يَقُولُ: " إِذَا خرج أَكثر من نصف يَوْم فسد اعْتِكَافه، وإِذَا خرج أقل من ذَلِكَ لم يفْسد اعْتِكَافه "
١٠٩٨ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute