رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ، وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، أَوْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِحْرَامُ بَعْضِهِمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُمْرَةٍ لَا حَجَّ مَعَهَا، وَإِحْرَامُ بَعْضِهِمْ بِالْحَجِّ لَا عُمْرَةَ مَعَهُ، وَإِحْرَامُ بَعْضِهِمْ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا وَفِيهِ نَفْيُ فَسْخِ الْحَجِّ الَّذِي رُوِيَ فِي غَيْرِهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ غَيْرِهَا مِمَّنْ قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا عَلِمُوا بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ قُدُومِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، لَمَّا قَدِمَهَا لَهُ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانُوا يَعُدُّونَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ، وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا عَرَفُوا الِاعْتِمَارَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قُدُومِهِ مَكَّةَ عَلَى مَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِيمَا تَقَّدَمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَلَمَّا كُنَّا قَدْ رُوِّينَا فَسْخَ الْحَجِّ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، وَالْقَاسِمِ، وَعَمْرَةَ، كَانَ أَوْلَى عِنْدَنَا مِمَّا رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ثَلَاثَةً أَوْلَى بِالْحِفْظِ
مِنْ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ قَدْ تَابَعَهُمْ عَلَى مَا رَوَوْا مِنْ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ، مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِفَسْخِ الْحَجِّ، ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسٌ، وَأَسْمَاءُ ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَّدَمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ، وَمِمَّا لَمْ نَذْكُرْهُ فِيهِ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللهُ، أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، مَعَ دَلَالَةٍ فِيهِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ الْأَمْرَ كَانَ عِنْدَهُمَا فِي ذَلِكَ كَذَلِكَ أَيْضًا، فَكَانُوا هَؤُلَاءِ بِالْحِفْظِ أَوْلَى مِمَّا رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ، وَخَالَفَهُ فِيهِ عَنْهَا الْأَسْوَدُ، وَالْقَاسِمُ، وَعَمْرَةُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute