أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُثْمَانَ لَمَّا تَأَهَّلَ بِمَكَّةَ فَصَارَ فِي حُكْمِ أَهْلِهَا، أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِمِنًى، وَلَمْ يَرَ خُرُوجَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى مِنًى حَاجًّا، وَلَا خُرُوجَهُ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ حَاجًّا، يَجِبُ لَهُ بِهِ قَصْرُ الصَّلَاةِ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي حَاجِّ أَهْلِ مَكَّةَ إِتْمَامَ الصَّلَاةِ بِمِنًى وَعَرَفَةَ، لَا يَقْصُرُهَا بِهِمَا عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي
ذَلِكَ وَيَنْبَغِي لِلْحَاجِّ أَنْ تَكُونَ إِفَاضَتُهُ مِنْ عَرَفَةَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَعَلَ فِيهَا
١٤٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، فَقَالَ: " هَذِهِ عَرَفَةُ، وَهَذَا الْمَوْقِفُ "، ثُمَّ أَفَاضَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ وَفِي حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِفَاضَتِهِ مِنْ عَرَفَةَ مَا يُوَافِقُ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ فِي ذَلِكَ مَا:
١٤٠١ - قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَيَدْفَعُونَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَأَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ تِلْكَ، وَقَدَّمَ هَذِهِ، أَخَّرَ الدَّفْعَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَقَّدَمَ الدَّفْعَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ " وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا، لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} ، فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا فِي كِتَابِهِ أَنَّ بَيْنَ عَرَفَةَ وَبَيْنَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَاصِلًا مِنْ مَشَاعِرِ الْحَجِّ،
وَبَيَّنَهُ لَنَا فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ صلّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute