اللهِ عَزَّ وَجَلَّ السَّبِيلَ فِي الزَّانِيَاتِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عِنْهُ، ثُمَّ نَزَلَ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ النُّورِ فِي الْأَبْكَارِ مِنَ الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِحُكْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَ بِهِ الْأَبْكَارَ مِنَ الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الثَّيِّبِ، أَوْ يَكُونُ أَرَادَ بِهِ كُلَّ الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي تَفْصِيلِهِ بَيْنَ حُكْمِ الْأَبْكَارِ مِنَ الثَّيِّبِ مِنَ الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ، فَأَحَطْنَا بِذَلِكَ عِلْمًا أَنَّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ حُكْمًا حَادًّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الزَّوَانِي وَالزُّنَاةِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نُسِخَ بِهِ مَا كَانَ قَدْ تَقَدَّمَهُ مِمَّا يُخَالِفُهُ فِي الْقُرْآنِ وَفَرَضَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْوَصِيَّةَ فِي كِتَابِهِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ سُورَة الْبَقَرَة آيَة ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: " لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا نَسَخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ؟ قِيلَ لَهُ: مَا عَلَى نَسْخِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ كَمَا ذَكَرْتُ، لِأَنَّ آيَةَ الْمَوَارِيثِ أَوْجَبَتِ الْمَوَارِيثَ بَعْدَ الْوَصَايَا وَالدُّيُونِ إِنْ كَانَتْ وَالْوَصَايَا فَقَدْ كَانَتْ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، فَلَمْ يَكُنْ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَينِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ
أَنْ يَكُونَ قَدْ جَمَعَ لِلْوَالِدَيْنِ بِالْآيَتَيْنِ الْمِيرَاثَ وَالْوَصِيَّةَ، وَلِأَنَّ الَّذِي بِهِ عِلْمُنَا نَسْخَ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ، وَوَقَفْنَا بِهِ عَلَى ذَلِكَ هُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَنْسَخُ الْقُرْآنَ، كَمَا يَنْسَخُ الْقُرْآنُ السُّنَّةَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التَّبْدِيلَ إِنَّمَا يَكُونُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْقُرْآنِ قِيلَ لَهُ: وَمَنْ قَالَ لَكَ أَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي نَسَخَ مَا نَسَخَ مِنَ الْقُرْآنِ لَيْسَ مِنْ قِبَلِ اللهِ عَزَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute