وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ، فَقَالُوا: بَلْ تُرْمَى كُلُّ جَمْرَةٍ مِنَ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، لَا يُنْقَصُ مِنْهُنَّ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِنِّ وَقَالُوا: مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْنَا أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَيْنَا، لِأَنَّهُ حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ، لَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، ثُمَّ لَوْ كَانَ ثَابِتًا لَمَا كَانَ فِي قَوْلِ سَعْدٍ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ "، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فَعَلُوهُ،
وَلَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضِيَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، لِأَنَّا قَدْ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ قَدْ فُعِلَتْ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَذْكُرُوهَا لَهُ، فَلَمْ يَعْدِدْ أَصْحَابُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ذَلِكَ الْفَعْلَ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ، كَالْفِعْلِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ قَالَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيِّ لَمَّا ذَكَرَ لَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَامِعُونَ وَلَا يُنْزِلُونَ، فَلَا يَغْتَسِلُونَ، وَقَوْلُ عُمَرَ لَهُ: " أَفَذَكَرْتُمْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَرُّكُمْ عَلَيْهِ؟ " فَقَالَ: لَا فَلَمْ يَلْتَفِتْ عُمَرُ إِلَى ذَلِكَ
١٥٢٧ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " إِنِّي لَجَالِسٌ عَنْ يَمِينِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُفْتِي النَّاسَ بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ بِرَأْيِهِ فَقَالَ عُمَرُ: أَعْجِلْ عَلَيَّ بِهِ فَجَاءَ زَيْدٌ، فَقَالَ عُمَرُ: أَبَلَغَ مِنْ أَمَرِكَ أَنْ تُفْتِي النَّاسَ بِالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْيِكَ؟ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: وَاللهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَفْتَيْتُ بِرَأْيِي، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ مِنْ أَعْمَامِي شَيْئًا، فَقُلْتُ بِهِ فَقَالَ: مِنْ أَيِّ أَعْمَامِكَ؟ فَقَالَ: مِنْ أَبِي أَيُّوبَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَرِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا يَقُولُ هَذَا الْمُفْتِي؟ قُلْتُ: إِنْ كُنَّا لَنَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَا نَغْتَسِلُ قَالَ: أَفَسَأَلْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: لَا فَقَالَ: عَلَيَّ بِالنَّاسِ، فَأَصْفَقَ النَّاسُ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْمَاءِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَلِيٍّ وَمُعَاذٍ، فَقَالَا: إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: لَا أَجِدُ أَحَدًا أَعْلَمُ بِهَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ، فَقَالَتْ: لَا عِلْمَ لِي،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute