فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى غَنَمًا، فَقَدْ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْغَنَمَ قَدْ تَكُونُ هَدْيًا وَقَدْ أَنْكَرَ مُنْكِرٌ هَذَا الْحَدِيثَ، وَدَفَعَهُ بِمَا رَوَاهُ الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَرَى الْغَنَمَ مِنْ {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} عَلَى مَا قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ مِنْ حُجَّتِنَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي رَوَاهُ الْقَاسِمُ عَنْهَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى هَدْيِ التَّمَتُّعِ، وَأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ الْأَسْوَدُ عَنْهَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى هَدْيِ التَّطَوُّعِ أَلَا تَرَاهَا تَقُولُ فِي حَدِيثِ الْأَسْوَدِ " ثُمَّ يُقِيمُ فِينَا حَلَالًا، لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ "، دَفْعًا مِنْهَا لِقَوْلِ مَنْ كَانَ يَقُولُ: إِذَا وَجَّهَ الرَّجُلُ بِهَدْيِ تَطَوُّعٍ، فَقَلَّدَ أَوْ أَشْعَرَ
، حَرُمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَبْسُ الثِّيَابِ وَالطِّيبُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} كَمَا ذَكَرْنَا، فَأَدْخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيهِ الْغَنَمَ، وَلَمْ يُدْخِلْهَا ابْنُ عُمَرَ، وَلَا عَائِشَةُ فِيهِ، نَظَرْنَا فِيمَا أَجْمَعُوا عِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْغَنَمُ بِاتِّفَاقِهِمْ، كَمَا دَخَلَتِ الْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ وَصَارَتِ الْغَنَمُ فِي ذَلِكَ مُجْزِئَةٌ عَنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي التَّمَتُّعِ كَذَلِكَ أَيْضًا، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا قَدْ حَكَيْنَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ بَابٌ قَالَ أَحْمَدُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} ، فَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُتَمَتِّعِ الَّذِي مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ لِعَدَمِ الْهَدْيِ، أَنْ يَجْعَلَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ الَّذِي يَصُومُهَا فِي الْحَجِّ: الْيَوْمَ الَّذِي قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَيْضًا أَنَّهُ إِنْ صَامَهَا قَبْلَ ذَلِكَ فِي حُرْمَةِ الْحَجِّ مَتَتَابِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً أَنَّهُ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ لَوْ صَامَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ فِي حُرْمَةِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ، فَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute