الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ آذَانِي الْقَمْلُ أَنْ أَحْلِقَ رَأْسِي وَأَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَنْسُكُ بِهِ " وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ، عَنْ كَعْبٍ
١٧١١ - كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْخُرَاسَانِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخٌ بِسُوقِ الْبُرْمِ بِالْكُوفَةِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُنْضِجُ تَحْتَ قِدْرٍ لِأَصْحَابِي، وَقَدِ امْتَلَأَ رَأْسِي وَلِحْيَتِي قَمْلًا، فَأَخَذَ بِجَبْهَتِي، وَقَالَ: " احْلِقْ هَذَا، وَصُمْ ثَلَاثَةً، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ " وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَنْسُكُ بِهِ
وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ النُّسُكَ وَإِنَّمَا احْتَاجُوا إِلَى كَشْفِ أُمُورِ التَّخْيِيرِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ، وَإِنَّمَا كَانَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ مَا وَجْهُهُ وَجْهُ التَّخْيِيرِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا لَا تَخْيِيرَ فِيهِ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ: {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى التَّخْيِيرِ، بَلْ كَانَ عَلَى مَرَاتِبٍ بَعْضُهَا بَعْدَ بَعْضٍ فَاحْتَجْنَا إِلَى كَشْفِ مَا ذَكَرْنَا لِهَذَا الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا كَانَ تَخْيِيرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَعْبٍ بَيْنَ الْهَدْيِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ مَا سِوَاهُ مِمَّا فِي الْآيَةِ، لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ يُرَدْ بِهَا كَعْبٌ خَاصَّةً، إِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا النَّاسُ جَمِيعًا، فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِبْيَانَ حُكْمِهَا لِلنَّاسِ جَمِيعًا، فَذَكَرَ الْأَصْنَافَ الَّتِي يُخَيَّرُونَ بَيْنَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute