عَلِمْتُ بِعُمَرَ إِلَّا قَدْ أَقْبَلَ بِالدِّرَّةِ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ عَلَى صَاحِبِي صُفُوقًا صُفُوقًا، ثُمَّ يَقُولُ: " قَاتَلَكَ اللهُ، تَعَدِّي الْفُتْيَا، وَتَقْتُلُ الْحَرَامَ، وَتَقُولُ: وَاللهِ مَا عَلِمَ عُمَرُ حَتَّى سَأَلَ الَّذِي إِلَى جَنْبِهِ، أَمَا تَقْرَأُ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} ؟ " ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، فَأَخَذَ بِجَمِيعِ ثِيَابِي، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا أُحِلُّ لَكَ شَيْئًا حَرَّمَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ فَتَرَكَنِي، ثُمَّ قَالَ: " إِنِّي أَرَاكَ رَجُلًا فَصِيحَ اللِّسَانِ، فَسِيحَ الصَّدْرِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الْعَشَرَةِ الْأَخْلَاقِ تِسْعَةٌ صَالِحَةٌ وَخُلُقٌ سَيِّئٌ، فَيُفْسِدُ التِّسْعَةَ الصَّالِحَةَ الْخُلُقُ السَّيِّئُ، فَاتَّقِ عَثَرَاتِ الشَّبَابِ "
قَالُوا: أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ قَدْ سَأَلَ: " الرَّجُلَ أَعَمْدًا قَتَلْتَهُ أَمْ خَطَأً؟ " وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا لِافْتِرَاقِ حُكْمِ الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ عِنْدَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَأَوْجَبُوا الْجَزَاءَ عَلَى كُلِّ مَنْ أَصَابَ الصَّيْدَ مِنَ الْمُحْرِمِينَ عَلَى الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ جَمِيعًا، وَذَهَبُوا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ} وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَفِي سُؤَالِ عُمَرَ الرَّجُلَ الَّذِي أَصَابَ الصَّيْدَ: " أَعَمْدًا قَتَلْتَهُ أَمْ خَطَأً؟ " أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ ذَلِكَ لِيُعَلِّمَهُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ قَتَلَهُ عَمْدًا، ثُمَّ قَتَلَ بَعْدَهُ صَيْدًا عَمْدًا انْتَقَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ، فَأَرَادَ عُمَرُ تَحْذِيرَهُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ سَعْيَهُ، فَخَالَفَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي رَوَاهُ عَلَيْهَا
١٧١٧ - كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ قَبِيصَةَ بْنَ جَابِرٍ، قَالَ: حَجَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي، فَرَأَيْنَا ظَبْيًا قَالَ: فَقَالَ أَوْ قُلْتُ لِصَاحِبِي: أَتُرَاكَ تَبْلُغُهُ؟ قَالَ: فَأَخَذَ صَاحِبِي حَجَرًا فَرَمَاهُ، فَأَصَابَ خُشَّاءَهُ، فَقَلَتَهُ، فَأَتَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: " أَعَمْدًا قَتَلْتَهُ أَمْ خَطَأً؟ " فَقَالَ: مَا أَدْرِي فَقَالَ: " اعْمِدْ إِلَى شَاةٍ فَاذْبَحْهَا، وَتَصَدَّقْ بِلَحْمِهَا، وَاجْعَلْ إِهَابَهَا سِقَاءً، أَكَذَلِكَ يَا فُلَانُ؟ " لِرَجُلٍ إِلَى جَانِبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute