للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثَّانِيَةِ مِثْلَ الَّذِي كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي جَمَاعِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَكَذَلِكَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي إِصَابَةِ الصَّيْدِ عَائِدًا هُوَ مِثْلُ الَّذِي كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي إِصَابَتِهِ إِيَّاهُ بَدْءًا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا انْتَفَتِ الْكَفَّارَةُ عَنِ الْعَائِدِ لِقَتْلِ الصَّيْدِ لِوُقُوعِ النِّقْمَةِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قِيلَ لَهُ: أَوَلَيْسَ إِنَّمَا كَانَ مُنْتَقَمًا مِنْهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَهُ؟ أَرَأَيْتَ لَوْ قَتَلَ الصَّيْدَ بَدْءًا

عَاتِيًا، مُنْتَهِكًا لِلْحُرْمَةِ، قَاصِدًا لِلْمَعْصِيَةِ، أَمَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ نِقْمَةٌ؟ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ؟ وَلَا يَرْفَعُ الْإِثْمُ الْوَاقِعُ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ الْجَزَاءَ عَنْهُ؟ وَكَذَلِكَ رَأَيْنَا سَائِرَ الْأَفْعَالِ الَّتِي هِيَ مَعَاصٍ حُكْمُ الْبَدْءِ مِنْهَا الَّذِي يُوجِبُ الْإِثْمَ فِيمَا يُوجِبُ مِنْ عُقُوبَةٍ وَغَيْرِهَا، حُكْمُ مَا يُصَابُ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي وُجُوبِ الْعُقُوبَاتِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُخْتَلِفًا فِي الْإِثْمِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا زَنَى بَدْءًا فَقَدْ عَصَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَعْصِيَةً هِيَ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ، وَالْوَعِيدُ عَلَيْهَا أَكْثَرُ مِنَ الْوَعِيدِ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ، وَيَجِبُ عَلَى فَاعِلِهَا الْحَدُّ وَرَأَيْنَاهُ لَوْ عَاوَدَ الزِّنَى كَانَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ فِي ذَلِكَ مِثْلُ الَّذِي كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ فِيمَا كَانَ أَصَابَهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَسْرِقُ السَّرِقَةَ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا الْقَطْعُ، فَهُوَ بِسَرِقَتِهِ عَاصٍ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْوَعِيدُ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنَ الْوَعِيدِ لَهُ إِيَّاهُ عَلَى قَتْلِ الصَّيْدِ فِي إِحْرَامِهِ، وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ قَطْعُ يَدِهِ، ثُمَّ إِنْ عَادَ فَسَرَقَ أَيْضًا قُطِعَتْ رِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ، وَكَانَ فِي سَرِقَتِهِ الثَّانِيَةِ أَعْظَمَ جُرْمًا مِنْهُ فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى، وَكَانَ الْوَعِيدُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنَ الْوَعِيدِ لَهُ فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَقْطُوعًا فِي سَرِقَتِهِ هَذِهِ كَمَا كَانَ مَقْطُوعًا فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ قَاتِلُ الصَّيْدِ عَائِدًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْإِثْمِ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي قَتْلِهِ إِيَّاهُ بَدْءًا، لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِي الْكَفَّارَةِ فِي

قَتْلِهِ إِيَّاهُ عَائِدًا مِثْلُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ إِيَّاهُ مِنَ الْكَفَّارَاتِ بَدْءًا فَإِنْ قَالَ: فَإِنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ إِنَّما جُعِلَ كَفَّارَةً، وَالْكَفَّارَاتُ تَمْحُو الذُّنُوبَ، وَقَاتِلُ الصَّيْدِ عَائِدًا فَقَدْ حَقَّ عَلَيْهِ وَعِيدُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْكَفَّارَةُ لَا تَدْفَعُ ذَلِكَ عَنْهُ، فَلَا مَعْنَى لَهَا قِيلَ لَهُ: فَقَدْ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ قَدْ سَمَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّارَةً تَجِبُ عَلَى الْفَاعِلِينَ فِي أَفْعَالِهِمْ بَدْءًا، وَتَجِبُ عَلَيْهِمْ فِي أَفْعَالِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَمِنْ ذَلِكَ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>