إِنْ كَانَ دُخُولُهُ يُؤَمِّنُ مِنَ الْعُقُوبَاتِ فِي الأَنْفُسِ فَهُوَ يُؤَمِّنُ مِنَ الْعُقُوبَاتِ فِيمَا دُونَ الأَنْفُسِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُؤَمِّنُ مِنَ الْعُقُوبَاتِ فِيمَا دُونَ الأَنْفُسِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَمِّنُ مِنَ الْعُقُوبَاتِ
فِي الأَنْفُسِ وَقَدْ وَجَدْنَاهُ يُؤَمِّنُ الصَّيْدَ فِي نَفْسِهِ، وَيُؤَمِّنُهُ فِي أَعْضَائِهِ فَإِذَا كَانَ فِي الصَّيْدِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَانَ فِي الآدَمِيِّينَ أَيْضًا كَمَا وَصَفْنَا، وَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ فَقَدْ رُوِّينَا عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا لَمْ يُفَرِّقَا فِيهِ بَيْنَ الأَنْفُسِ إِذَا أَتَتِ الْحُدُودُ عَلَيْهَا، وَبَيْنَ الأَعْضَاءِ إِذَا أَتَتِ الْحُدُودُ عَلَيْهَا فَذَلِكَ عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِهِمَا أَوْلَى مِمَّا قَدْ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَمُحَمَّدٌ، وَأَبُو يُوسُفَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ، لَا سِيَّمَا إِذَا لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالَفَهُمَا فِيمَا قَالا مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ أَبِي رَبَاحٍ كَمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مِمَّا
١٧٨٠ - قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ، قَالَ: قَالَ لِي عَطَاءٌ: " إِنْ قَذَفَ فِيهِ، يَعْنِي الْحَرَمَ، أَوْ سَرَقَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَإِذَا صَنَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ ثُمَّ لَجَأَ، يَعْنِي إِلَيْهِ، لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ " وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالأَمَانِ فِي هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا غَيْرُ بَنِي آدَمَ، فَأَمِنَ أَنْ يُصَادَ أَوْ يُهَاجَ وَهَذَا قَوْلٌ لَا نَعْلَمُ لأَهْلِهِ فِيهِ مُتَقَدِّمًا، وَلا إِمَامًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا مِنْ تَابِعِيهِمْ وَهَذَا أَيْضًا تَأْوِيلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي اللُّغَةِ، وَلا مُسْتَقِيمٍ فِي الْقِيَاسِ، فَأَمَّا فَسَادُهُ فِي اللُّغَةِ، فَإِنَّ " مَنْ " لَا يَكُونُ لِغَيْرِ بَنِي آدَمَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مَكَانُهَا لِغَيْرِ بَنِي آدَمَ " مَا "،
فَلا تَكُونُ الآيَةُ كَمَا تَلَوْنَا، فَتَكُونُ: " وَمَا دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا "، وَحَاشَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فَأَمَّا مَا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ إِثَبَاتِ " مَا " لِغَيْرِ بَنِي آدَمَ فِيمَا مَوْضِعُهَا لِبَنِي آدَمَ " مَنْ "، فَكَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} ، وَلَمْ يَقُلْ عَزَّ وَجَلَّ: " إِلا مَنْ ذَكَّيْتُمْ "، وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} ، وَلَمْ يَقُلْ عَزَّ وَجَلَّ: " وَمَنْ ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ "، وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} ، وَلَمْ يَقُلْ جَلَّ وَعَزَّ: " مِمَّنْ لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ "، فِي نَظَائِرَ لِذَلِكَ كَثِيرَةٍ، فَنَسْتَغْنِي بِمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا عَنْ بَقِيَّتِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute