للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، فَقَالَ: " تَصَدَّقْ بِهَذَا " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي وَمِنْ أَهْلِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلُكَ " فَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي ذَلِكَ هُوَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءِ، عْنِ سُلَيْمَانَ، كَمَا ذَكَرْنَا، فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْحَدِيثِ كَمَا رَوَاهُ بُكَيْرٌ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ دَلِيلا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعْطِهِ الَّذِي أَعْطَاهُ عَلَى

أَنَّهُ جَمِيعُ الَّذِي عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُ عَلَى الْمَعُونَةِ مِنْهُ إِيَّاهُ فِيمَا عَلَيْهِ وَلا يَجِبُ فِي الْحُكْمِ عِنْدَنَا زَوَالُ كَفَّارَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَى وُجُوبِهَا إِلا بِاتِّفَاقٍ عَلَى زَوَالِهَا، إِذْ كَانَ مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ اسْتِنْبَاطًا وَلا قِيَاسًا، وَكَانَ الْمُظَاهِرُ إِذَا أَطْعَمَ مَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْكَفَّارَةِ فِي قَوْلِهِمْ وَفِي قَوْلِ أَهْلِ الْمَقَالَةِ الآخَرِينَ، وَإِذَا أَطْعَمَ مَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الأُولَى لَمْ تَسْقُطِ الْكَفَّارَةُ عِنْهُ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَانَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ أَوْلَى بِنَا، إِذْ كَانَ فِيهِ سُقُوطُ الْوَاجِبِ بِلا اخْتِلافٍ وَعَلَى الْمُظَاهِرِ أَلا يَمَاسَّ أَهْلَهُ فِي كُلِّ مَعْنًى مِنْ هَذِهِ الثَّلاثَةِ الْمَعَانِي مِنَ الْكَفَّارَاتِ حَتَّى يَجِيءَ بِالْمَعْنَى الَّذِي عَلَيْهِ مِنْهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَلِمَ كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ مِمَّنْ لَيْسَ بِوَاجِدٍ لِلرَّقَبَةِ فَعَادَ فِي حُكْمِهِ إِلَى الإِطْعَامِ، وَلَمْ يَشْتَرِطِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ كَمَا اشْتَرَطَ فِيمَا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ، فِي الْمَعْنَيَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي الآيَةِ؟ قِيلَ لَهُ: يَجِبُ ذَلِكَ لِمَعْنَيَيْنِ، أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحَادِيثِ الظِّهَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ، أَنَّهُ لَمْ يُطْلِقِ الْمَمَاسَّةَ لِلْمُظَاهِرِينَ فِيهَا حَتَّى يَفْعَلا مَا أَمَرَهُمَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالآخَرُ أَنَّ الْفَرَائِضَ الَّتِي هِيَ أَبْدَالٌ مِنْ أَشْيَاءَ قَبْلَهَا إِذَا عُدِمَتْ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا عَادَ كَمَا كَانَ قَبْلَهَا، فَصَارَ ثَابِتًا، فَلَمْ يَحِلَّ الْجِمَاعُ حَتَّى يَفْعَلَ، كَمَا لَا يَحِلُّ الْجِمَاعُ لِمَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْعِتْقِ أَوِ الصِّيَامِ حَتَّى يَفْعَلَهُ، أَلا تَرَى أَنَّ فَرْضَ اللهِ

عَزَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>