نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} ، الآيَةَ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجَاتِ، لَا عَلَى مَنْ سِوَاهُنَّ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الظِّهَارُ كَذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} ، الآيَةَ عَلَى النِّسَاءِ الزَّوْجَاتِ، لَا عَلَى مَنْ سِوَاهُنَّ فَاحْتَجَّ مُحْتَجٌّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} ، قَالَ: فَقَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الآيَةِ أُمَّهَاتُ الإِمَاءِ الْمُوطَآتُ كَمَا دَخَلَ فِيهَا أُمَّهَاتُ الزَّوْجَاتِ الْمَنْكُوحَاتِ قِيلَ لَهُ: وَقَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الآيَةِ عِنْدَنَا وَعِنْدَكَ أُمَّهَاتُ النِّسَاءِ الْمُزَوَّجَاتُ نِكَاحًا فَاسِدًا الْمُوطَآتُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ دُخُولُ أُمَّهَاتِهِنَّ فِي ذَلِكَ مُوجِبًا التَّظَاهُرَ مِنْ بَنَاتِهِنَّ، أَلا تَرَى أَنَّ رَجُلا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا فَجَامَعَهَا عَلَى ذَلِكَ، أَنَّ أُمَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَوْ ظَاهَرَ مِنَ ابْنَتِهَا لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا فَلَمَّا ثَبَتَ فِي هَذِهِ الآيَةِ دُخُولُ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ الْمُجَامَعَاتِ عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَلِمْ تَدْخُلْ بَنَاتُهُنَّ فِي آيَةِ الظِّهَارِ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ دُخُولُ أُمَّهَاتِ الإِمَاءِ الْمُجَامَعَاتِ فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ غَيْرَ مُوجِبٍ دُخُولَ بَنَاتِهِنَّ فِي آيَةِ الظِّهَارِ، فَسَقَطَتْ بِذَلِكَ حُجَّةُ هَذَا الْمُحْتَجِّ الَّذِي احْتَجَّ بِهَا عَلَى مُخَالِفِيهِ وَلَمَّا سَقَطَ ذَلِكَ طَلَبْنَا الْوَجْهَ فِي هَذَا الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، فَوَجَدْنَا الظِّهَارَ هُوَ طَلاقُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِي كَانُوا يُطَلِّقُونَهُ نِسَاءَهُمْ أَلا تَرَى إِلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَوْلَةَ لَمَّا سَأَلَتْهُ
عَنْ تَظَاهُرِ زَوْجِهَا: " قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ "، وَإِلَى قَوْلِهَا: " إِلَى اللهِ أَشْتَكِي "، أَيْ لِمَكَانِ الْفُرْقَةِ الَّتِي حَدَثَتْ بَيْنَهُمَا بِتَظَاهُرِهِ، وَإِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَقَرَّهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَأَوْجَبَ عَلَى الْمُتَظَاهِرِ مَا أَوْجَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الآيَةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا، فَصَارَ الظِّهَارُ فِي الإِسْلامِ خَلَفًا مِنَ الطَّلاقِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا كَانَ الطَّلاقُ لَا حَظَّ لِلْمَمْلُوكَاتِ غَيْرِ الزَّوْجَاتِ فِيهِ كَانَ كَذَلِكَ الظِّهَارُ، لَا حَظَّ لِلْمَمْلُوكَاتِ غَيْرِ الزَّوْجَاتِ فِيهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الظِّهَارَ إِنَّمَا أَلْحَقْنَاهُ الْمَمْلُوكَاتِ لأَنَّهُ تَحْرِيمٌ قِيلَ لَهُ: إِنَّ التَّحْرِيمَ الَّذِي يَلْحَقُ الإِمَاءَ، عِنْدَ مَنْ يُلْحِقُهُنَّ إِيَّاهُ بِقَوْلِ مَوَالِيهِنَّ: أَتينَّ عَلَيَّ حَرَامٌ، إِنَّمَا هُوَ فِي التَّحْرِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute