للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا الَّتِي لَمْ تَخْرُجْ مِنَ الْعِدَّةِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَوْجَبَ فِي قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ اللائِي لَيْسَ بِزَوْجَاتٍ لِمَنْ قَذَفَهُنَّ، مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الآيَةَ وَأَوْجَبَ فِي قَذْفِ الزَّوْجَاتِ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} الآيَةَ فَكَانَ مَا أَوْجَبَ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَذْفِ الْمُحْصَنَةِ غَيْرِ الزَّوْجَةِ لِقَاذِفِهَا، غَيْرَ الَّذِي أَوْجَبَ لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْقَاذِفِ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثًا قَدْ زَالَ نِكَاحُهُ عَنْهَا، وَصَارَ غَيْرَ زَوْجٍ لَهَا، فَكَانَ قَذْفُهُ لَهَا إِنَّما هُوَ قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ غَيْرِ زَوْجَةٍ لَا قَذْفٌ لِزَوْجَةٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْقَذْفِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ غَيْرِ الزَّوْجَاتِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةِ قَدْ كَانَ هَذَا الْقَاذِفُ لَهَا بِهَذَا الْوَلَدِ زَوْجًا لَهَا فَحُكْمُ وَلَدِهَا الَّذِي كَانَ يَلْزَمُهُ لَوْ لَمْ يَنْفِهِ بِحَقِّ النِّكَاحِ الْمُتَقَدَّمِ حُكْمُهُ لَوْ نَفَاهُ قَبْلَ زَوَالِ ذَلِكَ النِّكَاحِ، أَلا تَرَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا جَاءَتْ بِهِ مِنْ وَلَدٍ بَعْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَلْزَمُهُ فِيهَا الْوَلَدُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ النِّكَاحُ قَدْ زَالَ عَنْهَا، فَكَذَلِكَ يَكُونُ لَهُ

أَنْ يَنْفِيَ الْوَلَدَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ الَّذِي بِهِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ قَدْ زَالَ قِيلَ لَهُ: أَمَّا مَا جَاءَتْ بِهِ مِنْ وَلَدٍ مِنْهُ، حُكْمُهُ حُكْمُ مَا قَبْلَ الطَّلاقِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ، لأَنَّهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ وَلَدٍ كَانَ مِنْ جِمَاعٍ مِنْ هَذَا الْمُطَلِّقِ، مَحْكُومٌ لَهُ أَنَّ ذَلِكَ الطَّلاقَ وَقَعَ وَالْوَلَدُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَفِي ذَلِكَ تَحْقِيقُ نَسَبِهِ مِنْ هَذَا الْمُطَلِّقِ وَأَمَّا إِذَا وَضَعَتْهُ ثُمَّ وَقَعَ الطَّلاقُ عَلَيْهَا مِنْ زَوْجِهَا فَأَبَانَهَا مِنْهُ، وَأَزَالَ نِكَاحَهُ عَنْهَا، ثُمَّ نَفَاهُ وَقَذَفَهَا بِهِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ قَذْفٌ مُسْتَأْنَفٌ يُوجِبُ مَعْنًى مُسْتَأْنَفًا، وَهُمَا حِينَئِذٍ غَيْرُ زَوْجَيْنِ، فَلَيْسَا مِمَّنْ جَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمَهُ حُكْمَ اللِّعَانِ، وَهُمَا مِمَّنْ جَعَلَ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمَهُمَا حُكْمَ الْجَلْدِ فَهَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى عِنْدَنَا مِنَ الآخَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>