وَلَوْ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ لَمْ تَكُنْ مَحْدُودَةً فِي قَذْفٍ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَكِنَّ زَوْجَهَا الْقَاذِفَ لَهَا كَانَ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَأَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدًا كَانُوا يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ: يُقَامُ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا حَدُّ الْقَذْفِ، لأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ لِعَانَهَا، إِذْ كَانَ مَحْدُودًا لَا شَهَادَةَ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا، كَانَ عَلَى زَوْجِهَا فِي قَذْفِهِ إِيَّاهَا الْحَدُّ، لأَنَّهُ الْمَبْدَأُ بِهِ فِي اللِّعَانِ لَوْ كَانَا مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ اللِّعَانَ لَهَا حُدَّ لَهَا فَإِذَا تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَفَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، أَوْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِتَمَامِ اللِّعَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَزُفَرَ، أَوْ تَمَّ اللِّعَانُ مِنَ الزَّوْجِ خَاصَّةً، فَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ قَبْلَ الْتِعَانِ الْمَرْأَةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ حَرَامٌ عَلَى زَوْجِهَا الْمُلاعِنِ لَهَا فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَكَانَا يَقُولانِ فِي ذَلِكَ: قَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ كَمَا
تَحْرُمُ عَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً، فَيَجْعَلانِهَا حَرَامًا عَلَيْهِ بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ، وَيَمْنَعَانِهِ مِنْ تَزْوِيجِهَا مَا كَانَ مُقِيمًا عَلَى قَذْفِهِ إِيَّاهَا، غَيْرَ مُكَذِّبٍ نَفْسَهُ، فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ جَلَدَهُ الْحَاكِمُ لَهَا حَدَّ الْقَاذِفِ، وَأَسْقَطَ بِذَلِكَ شَهَادَتَهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ خَاطِبًا لَهَا كَسَائِرِ خُطَّابِهَا، هَكَذَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُوَ قَوْلُنَا قَالَ مُحَمَّدٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَذَفَتْ رَجُلا فَحُدَّتْ كَانَ زَوْجُهَا الْمُلاعِنُ لَهَا خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ، وَحَلَّ لَهُ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى قَوْلِهِ الأَوَّلِ الَّذِي قَالَهُ لَهَا، لأَنَّهَا قَدْ سَقَطَتْ شَهَادَتُهَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ بِالْحَدِّ الَّذِي أُقِيمَ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ تَقْذِفْ رَجُلا فَيُقَامُ عَلَيْهَا الْحَدُّ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّهَا زَنَتْ فَأُقِيمَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الزِّنَى، فَإِنَّ لِزَوْجِهَا الْمُلاعِنِ لَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، لأَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ بِالْحَدِّ الَّذِي أُقِيمَ عَلَيْهَا فِي الْقَذْفِ أَوِ الزِّنَى مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ اللِّعَانَ فِي الْمُسْتَأْنَفِ، وَمِمَّنْ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ قَبْلَ اللِّعَانِ الأَوَّلِ لَمْ يُلاعَنْ بَيْنَهُمَا، حَلَّ لَهُ تَزْوِيجُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute