وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ
الْعِلْمِ فِي الْخُلْعِ إِذَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ طَلاقٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ تَطْلِيقَةٌ عَلَى مَا رُوِّينَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلاقٍ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا
٢٠٢٩ - حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ " جَمَعَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ بَعْدَ تَطْلِيقَتَيْنِ وَخُلْعٍ " وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ذَكَرَهُ، يَعْنِي الْخُلْعَ، بَيْنَ طَلاقَيْنِ، يَعْنِي بَيْنَ قَوْلِهِ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجْدَنا الْخُلْعَ يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، يَكُونُ طَلاقًا إِذَا ذُكِرَ فِيهِ الطَّلاقُ، لأَنَّهُ زَوَالٌ لِلنِّكَاحِ، وَكَانَ النِّكَاحُ لَا يَزُولُ مِنْ قِبَلِ الأَزْوَاجِ إِلا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا بِطَلاقٍ يُبَاشِرُونَ بِهِ الزَّوْجَاتِ، أَوْ بِأَحْدَاثٍ يُحْدِثُونَهَا بِأَفْعَالِهِمْ يَزُولُ بِهَا النِّكَاحُ وَكَانَ فِي الأَحْدَاثِ الَّتِي يُحْدِثُونَهَا مَا يُوقِعُ الطَّلاقَ عَلَى زَوْجَاتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ فِيهَا طَلاقًا بِاتِّفَاقِهِمْ كَالْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ، وَكَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الأَلْفَاظِ الْمَكْنِيَّةِ وَكَانَتْ تِلْكَ الأَلْفَاظُ إِنَّمَا تَكُونُ طَلاقًا إِذَا أُرِيدَ بِهَا الطَّلاقُ، فَإِنْ لَمْ يُرَدْ بِهَا الطَّلاقُ بَطَلَتْ، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا حُكْمٌ وَكَانَ الْخُلْعُ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الطَّلاقُ كَانَ طَلاقًا بِاتِّفَاقٍ، وَإِذَا لَمْ يُرَدْ بِهِ الطَّلاقُ كَانَ عَامِلا بِاتِّفَاقٍ وَلَمْ يَسْقُطْ فَطَائِفَةٌ تَقُولُ: هُوَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَطَائِقَةٌ تَقُولٌ: هُوَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلاقٍ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْخُلْعَ عَامِلٌ لَا مَحَالَةَ،
ثَبَتَ أَنَّهُ يَكُونُ مَقَامَ الطَّلاقِ الْمُصَرَّحِ عَلَى الْمَالِ، فَيَكُونُ طَلاقًا كَمَا يَقُولُ الَّذِينَ جَعَلُوهُ طَلاقًا مِمَّنْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي الْخُلْعِ مِمَّا تَعْتَدُّ بِهِ مِنْ زَوْجِهَا حَيْضَةٌ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute